فهي تَذكيرٌ بنعمةِ خَلْقِ الإِنسِ والجِنَ.
أَما في الآيةِ الثامنة عشرة فإِنها مسبوقة بقولِه تعالى: (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (١٧) ، فهي بهدفِ التذكيرِ بمُلْكِ اللهِ لكلِّ ما في الكون، ومنه مُلْكُه للمشرقَيْن وللمغربَيْن.
وهي في الآية (٢١) خاتمة لموضوع جَديد، وردَ في قولِه تعالى: (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (١٩) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (٢٠) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٢١) .
وهو التذكيرُ بنِعَمِ اللهِ وقدرتِه وعظمتِه، في خلقِ الماءِ العذبِ والماءِ
المالح.
وهكذا في باقي مَرّاتِ وُرودِها، فليسَ الأَمْرُ تَكراراً مُخِلّاً، كما زعَمَ
الفادي الجاهل، وإِنما هو تَنويعٌ وإضافة.
وانتقدَ الجاهلُ وُرودَ بَعْضِ قَصصِ القرآنِ في أَكثرَ من سورة، واعْتَبَرَ
ذلك من التَّكرارِ المعنوي، قال: " وفي القرآنِ الكثيرُ من التكرارِ اللفظي، كما في سورةِ الرحمن، والتكرارِ المعنوي كما في قَصص الأَنبياء، فَضْلاً عما فيها من سَجْعٍ مُتَكَلَّفٍ ".
وذَكَرَ بعضَ القَصصِ التي اعْتَبَرَها مُكَررَة، والسورِ المذكورةِ فيها كُلُّ
قِصَّة، وهي: " قصة آدم، وقصة نوح، وقصة إبراهيم، وقصة لوط، وقصة موسى، وقصة سليمان، وقصة يونس - الذي سماه يونان، وقصة
عيسى - صلى الله عليهم وسلم -.
وكلامُ الجاهلِ باطل، وانتقادُه مردودٌ عليه، فهو يعيبُ ما لا عيبَ فيه،
وهو يُخَطِّئُ الصَّوابَ، ويَنتقدُ الصحيح، وإِنَ ذِكْرَ القصةِ القرآنيةِ في أَكثرَ من سورةٍ ليسَ من بابِ التكرارِ المُمِلّ والمُخِلِّ، وإِنما هو من بابِ التنويعِ
الهادف، والإِضافةِ الحكيمة، والتناسقِ المعجز.
وعندما نتدبَّرُ المواضعَ المختلفةَ التي وَرَدَتْ فيها القصةُ القرآنية، فسنجدُ
أَنَّ اللقطاتِ المعروضةَ من القصةِ متناسبة ومتناسقة ومترابطةٌ مع موضوعِ