ثم علق على الآيتَيْن تَعْليقاً فاجِراً قبيحاً، قال: "تدلُّ هذه الآية ُ على أَنَّ
محمداً قال: إِنَّ القرآنَ نَزَلَ عليه وَحْياً مِن الله ...
ولكنَّ مُعاصريه لم يَجِدوا في ما جاءَ به شيئاً جَديداً، فقالوا: إِنَّه جاءَ بأساطيرِ الأَولين، التي كانَ يَسمعُها، وكَتَبَها قرآناً.
فهي ليستْ وَحْياً!
لقد اقتبسَ محمدٌ أَشعارَ امرئ القيس، وأَقوالَ عمرَ بن الخطاب، وكُتُبَ جُهّالِ اليهودِ والمسيحيين، وكُتُبَ الفرسِ، وكُتُبَ الحنفاءِ، وغيرهم ... ".
هكذا بجملةٍ فاجرةٍ يُلْغي هذا الفاجرُ الوحيَ والنبوةَ والرسالة، ويَعتمدُ
اتهاماتِ الكفرةِ الفجرةِ السابقين، التي ذَكَرَها القرآن، ثم نَقَضَها وَرَدَّها، لكنه لكُفْرِه وفُجورهِ لا يَقْبَلُ رَدَّ القرآنِ عليها.
قالَ الكفارُ عن آياتِ القرآن: هيَ أَساطيرُ الأَوَّلين، وقَصصُ السابقين
وأَخبارُهم، طلبَ محمدٌ من الكُتّابِ أَنْ يكْتُبوها له، فَفَعَلوا وقَدَّموها له،
وصارَتْ تُملى عليه في الصباحِ والمساء، فأَخَذَها منهم، وزعَمَ أَنها جاءَتْه
وحياً من عندِ الله، وليس في المسألةِ وَحْيٌ ولا نبوَّة!!.
وَرَدَّ اللهُ على هذا الاتهامِ بتقريرِ حقيقةِ الوحي، وتَأكيدِ أَنَّ القرآنَ
كَلامُ الله - عز وجل - (قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) .
واللهُ يَعلمُ السِّرَّ ويَعلمُ الجهر، لكنه ذَكَرَ هنا السِّرَّ دونَ الجهر، لأَنَّ إِنزالَ القرآنِ عن طريقِ جبريل - عليه السلام -، كان بطريقةٍ غيبيةٍ خفيَّةٍ سِرِّيَّة.
والفادي الحاقدُ أَغفلَ عامداً كلامَ اللهِ الذي رَدَّ على اتِّهامِ الكفار، وأَبْقى
كلامَهم مُعْتَمِداً له.
ومن أَكاذيبهِ الصارخةِ المتهافتةِ قولُه عن الكفار: " ولكنَّ مُعاصِريه لم
يَجِدوا في ما جاءَ به شَيْئاً جديداً ".
أَيْ أَنَّ القرآنَ تكرارٌ لما قالَه السابقون، وتَرديدٌ لكلامِهم، وليس فيه أَيُّ شيء جديد! علماً أَنَّ القرآنَ لم يتأَثَّرْ بما كانَ حولَه من معارفَ وثقافاتٍ وخرافات، وكُلُّ ما أَتى به فهو جَديد، لم يُسْبَقْ إِليه.