للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد جاءَ إِبراهيمُ عليه السلام - بالتوحيد، وجاءَ محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - بالتوحيد، وجاءَ كُلُّ نبيٍّ بالتوحيد، ولا خِلافَ في العقيدةِ بينَ رسولٍ ورسول، فكلّهم جاؤوا بعقيدةٍ واحدة، ولا غرابةَ في اتفاقِ القرآنِ مع ما كان يؤمنُ به المؤمنُ الحنيفُ زيدُ بن عمرو.

قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥) .

وقال تعالى: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) .

سابعاً: ما الذي أخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الكتب السماوية؟ :

ادَّعى الفادي المفترِي أَنَّ محمداً - صلى الله عليه وسلم - أَخَذَ القرآنَ من الكتبِ السماوية السابقة، المتمثلةِ في أَسْفارِ العهدِ القديمِ وأناجيلِ العهدِ الجديد، وادَّعى أَنَّ القراَنَ اعترفَ بذلك، واستشهدَ على ذلك بقولِه تعالى: (إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (١٨) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (١٩) .

ومعنى الآيةِ عندَه أَنَّ آياتِ القرآنِ موجودةٌ في الصحف الأُولى، كصحفِ

إِبراهيمَ وموسى - عليهما السلام -.

أَيْ أَنَّ محمداً - صلى الله عليه وسلم - أَخَذَ آياتِ القرآنِ من الصحفِ

الأُولى، التي أُنزلَتْ على إِبراهيمَ وموسى، وزَعَمَ أَنَّ اللهَ أَنزلَها عليه.

وهذا الفهمُ الخاطئُ للآيةِ سَبَبُهُ جهلُ الفادي وغباؤُه، اسْمُ الإِشارةِ " هذا "

في الآية: (إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى) يَعودُ في زعمِه على القرآن.

وهذا باطلٌ.

إِنَّ اسْمَ الإِشارةِ يَعودُ على المعنى الذي قَرَّرَتْه الآياتُ السابقةُ من

السورة، مثلُ قوله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (١٥) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٧) .

أَيْ: هذا المعنى في الآياتِ موجودٌ في الصحفِ الأُولى، كصحفِ إِبراهيمَ وموسى.

وهذه الآياتُ تُقررُ حقائقَ إِيمانيةً عقيدية، وهذه الحقائقُ موجودةٌ في

<<  <  ج: ص:  >  >>