فآيةُ سورةِ المائدة نَصتْ على تَحريمِ الخمرِ والميسر، وأَمَرت
المسلمين باجتنابهما، ووصفَتْهما بأَنهما رجسٌ من عملِ الشيطان، وهي الدليلُ القرآنيُّ على حرمةِ الخَمرِ والميسر، حيثُ استقرَّتْ حرمَتُهما حتى قيامِ الساعة.
وآيةُ سورةِ البقرة لا تَتعارضُ معها، حتى نقولَ: إِنها منسوخة، لأَنها
نَزَلَتْ جواباً على سؤالٍ للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأَخبرتْ أَنّ في الخمرِ والميسر إِثماً كبيراً ومنافعَ للناس: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا) .
فيهما إِثم كبيرٌ لأَنهما رجسٌ من عملِ الشيطان، ولذلك حَرَّمَهما اللهُ في
سورةِ المائدة.
لكن فيهما منافعُ للناس، وتلك موجودةٌ فيهما حتى بعدَ
تحريمِهما، وتتمثَّلُ هذه المنافعُ في المتاجرةِ فيهما صناعةً وبيعاً واكتساباً،
حيثُ تُشادُ مصانعُ للخمر، وتُفتحُ محلاتٌ لبيعِ الخمر، وهذه المصانعُ
والمتاجرُ تَدرُّ رِبحاً ومالاً لأَصحابِها، وهي منافعُ مالية مادية لهم..
لكنَّ هذه المنافعَ لبعضِ الناس مفاسدُ لمعظمِ الناس، ولذلك حَرَّمَ اللهُ الخمرَ رغم هذه المنافعِ للبعض، وجعَلَها أُمَّ الخبائث، للمضارِّ والمفاسدِ التي تُوقِعُها بالناس!.
ثالثاً: الأسباب الحقيقية للناسخ والمنسوخ:
حَشَرَ الفادي المفترِي نفسَه في الناسخِ والمنسوخِ في القرآن، وتعامَلَ معه
بجهْلِهِ وغَبائِه، وفَسَّرَهُ على أَساسِ تَحامُلِه على القرآن، وسوءِ ظَنِّهِ به، واتِّهامِه له، وجَزْمِه بأَنه من كلامِ البَشَر وليس من كلامِ الله.
وحاوَلَ الوقوفَ على الأَسبابِ الحقيقية للنسخِ، وهو بهذهِ النفسيةِ الحاقدةِ العدائية، وزَعَمَ أَنه عَرَفَ الأَسبابَ الحقيقيةَ لسبعةِ أمثلةٍ من النسخِ في القرآن.
ونَنظرُ في الأَسبابِ التي ذَكَرَها لنقفَ على جَهْلِه وتحامُلِه وحِقْدِه:
١ - لماذا نسخ تحريم القتال في الشهر الحرام؟ :
زَعَمَ الفادي الجاهلُ أَنَّ القرآنَ حَرَّمَ القتالَ في الشهرِ الحرام.
ولم يَذْكُر الآيةَ التي حَرَّمَتْ ذلك.
ثم زَعَمَ أَن هذه الحُرمةَ نُسخَتْ بالإِباحة، وذلك بآية: