من سورةِ البقرة التي تأمرُ المرأةَ المتوفّى عنها زوجُها بالعدةِ أَربعةَ أَشهرٍ وعشرةَ
أَيام ليستْ ناسخةً للآية (٢٤٠) ، التي تتحدثُ عن الإِقامةِ حَوْلاً كاملاً، ولا
تَعارُضَ بين الآيتَيْن حتى نَلجأَ إِلى النسخ.
عِدَّةُ المرأةِ المتوفّى عنها زوجُها هي أَربعةُ أَشهرٍ وعشرةُ أَيام: (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) .
ويَحرمُ عليها أَثناءَ العدةِ أَنْ تُخْطَبَ أَوْ تَتزوج، ويَجبُ عليها أَنْ تقضيَ هذه المدةَ في بيتِ زوجِها المتوفّى.
وقولُه تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ) يَجعلُ للمرأةِ المتوفّى عنها زوجُها الحَقَّ في أَنْ تُقيمَ في
بيتِ زوجِها المتوفّى حولاً كاملاً، وذلكَ بأَنْ تزيدَ على مدةِ العِدَّةِ الواجبةِ
عليها، وعلى أَهْلِ زوجِها المتوفّى أَنْ لا يَمنعوها من ذلك، ولكنَّ هذا الحَقَّ
ليس واجباً عليها، فإِنْ خرجَتْ قبلَ انقضاءِ الحولِ جازَ لها ذلك: (فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ) .
الآيةُ (٢٣٤) تتحدَّث عن العِدَّةِ الواجبةِ على المتوفّى عنها زوجُها،
والآيةُ (٢٤٠) تتحدث عن المدَّةِ الزائدةِ التي يمكِنُ لها أَنْ تُقيمَها المعتدَّةُ في
بيتِ زوجِها المتوفّى، ويَجوزُ لها أَنْ تُقَلِّلَ مدةَ الإِقامةِ عن الحَوْل، لكنَّه لا
يجوزُ لها أَنْ تُنقصَ أَيامَ العِدَّةِ يوماً واحداً.
٥ - الحكمُ المنسوخ: في الخمرِ والميسرِ إِثمٌ وَمنافعُ للناس، الذي قررَه
قولُه تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا) .
والحكمُ الناسخ هو تحريمُ الخمرِ والميسرِ لأَنهما رجسٌ من عملِ
الشيطان، والذي قَرَّرَهُ قولُه تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) .
والراجحُ أَنه لا نسخَ في الأَمْرِ، ولا تَعارُضَ بين آيةِ سورةِ البقرة وآيةِ سورةِ المائدة.