أَمَرَ اللهُ المؤمنين بقتالِ الكفار، والثباتِ في قتالِهم، وعدمِ الفرارِ
منهم، وأَوجبَ على المسلمِ أَنْ يَثبتَ أَمامَ عشرةِ كفار.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (٦٥) .
والحكمُ الناسخ هو ثباتُ الواحدِ لاثنين من الكفارِ في القتال، والذي قَرَّرَهُ
قولُه تعالى: (الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ) .
وهذا المثالُ صحيحٌ للنسخِ في القرآن، ويبدو أَنَّ وُجوبَ ثباتِ المؤمنِ
أَمامَ عشرةٍ من الكفارِ كانَ في بدايةِ الدعوةِ الإِسلامية، حيثُ كان عددُ
المسلمين قليلاً، وكانَ إِيمانُهم كبيراً، وكانتْ حماستُهم للقتالِ عالية، ويمكنُ
للمؤمنِ أَنْ يُقاتِلَ عشرةً، وأَنْ يَصمدَ أَمامَهم.
وفيما بعدُ انتشرَ الإِسلام، وازدادَ عددُ المسلمين، ولعلَّه تَدَنّى مستوى
حماسِهم، ودَبَّ فيهم الضعف، فخفَّفَ الله عنهم، ونَسَخَ الحكمَ السابق بحكْمٍ جديد، هو أَنْ يثبتَ المؤمنُ أَمامَ اثنيْن من الكفار.
٤ - الحكمُ المنسوخُ هو: اعتدادُ المتوفّى عنها زوجُها سنةً كاملة،
والذي قَرَّرَهُ قولُه تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ) .
والحكمُ الناسِخُ هو اعتدادُ المتوفّى عنها زوجُها أَربعةَ أَشهرٍ وعشرةَ أَيام،
الذي قَرَّرَه قولُه تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) .
والراجحُ أَنه لا نَسْخَ في عدةِ المتوفّى عنها زوجُها، وأَنَّ الآيةَ (٢٣٤)