إِدانةٍ له..
قالَ في مقدمةِ تلك الاتهامات: " انتقدَ العربُ محمداً، ولاموهُ على
الكثير.
وقد أَورَدَ ذلك في قرآنِه، مع الردودِ عليه.. ".
ما زالَ يؤكدُ على أنَّ القرآنَ منسوبٌ إِلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وأَنه هو الذي أَلَّفَه، وأَوردَ فيه ما يُريد، وحَذَفَ منه ما لا يُريد!!.
والاتهاماتُ الموجهةُ ضدَّ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - هي:
١ - مَجنون: ووردَتْ في قولِه تعالى إِخباراً عن قولِ المشركين: (وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (٦) لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧) .
وقد اعتمدَ المجرمُ هذه التهمةَ في قوله: " فقد اتَّهموهُ بالجنون، الذي هيأ
له أَوهامَ الوحي والملائكة ".
أَيّ أَنّه لا وحيَ في الحقيقة، وإِنما هو أوهامٌ وتخيُّلاتٌ كان يَمُرُّ بها الرسولُ - صلى الله عليه وسلم -، فيصدِّقُ أَنه رأى جبريل، وأَنه تلقى منه
الوحي، مع أَنه لا جبريلَ ولا وحيَ؛ لأَنه مجنون!!.
وقد رَدَّ القرآنُ على هذه التهمةِ بعدة آيات، نكتفي منها بتذكُّرِ قولِه
تعالى: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (١) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (٢) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (٥) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (٦) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (٧) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (٩) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (١٠) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (١١) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (١٢) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (١٤) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (١٥) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (١٦) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (١٧) .
وقد كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَريصاً على تأكيدِ وعْيِه وحضورِه وانتباهِه، عندما يأتيه الوحي.
فقد سألَه الحارثُ بنُ هشام - رضي الله عنه - فقال: يا رسولَ الله!
كيفَ يأتيكَ الوحي؟
فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أَحْياناً مثلُ صلصلةِ الجَرَس، فيفْصِمُ عَنّي وقد وعيتُ ما قال، وأَحياناً يتمثلُ لي المَلَكُ رَجُلاً فيكلِّمُني، فأَعي ما يقول ".