ولا يُمكنُ أَنْ يكونَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجنوناً، وشخصيتُه معروفَة، وأَقوالُه في حياتِه معلومة، وجهودُه في الدعوةِ والحركةِ معلومة، ونَجاحُه في دعوتِه وانتشارُ دينِه في حياتِه معروف، ولو كان مجنوناً لما كانت نتائجُ رسالتِه في حياتِه على ما هي عليه!.
٢ - مُفْتَرٍ: والمفتري هو الكاذبُ المدَّعي، الذي يَقلبُ الحقائقَ، ويَنسبُ
القول إِلى غيرِ قائلِه كَذِباً وزُوراً.
وقد اتهَمَ الكفارُ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأَنه مُفْتَرٍ كاذب، وأَخبرَ اللهُ عن اتّهامهم في قولِه تعالى: (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (١٠١) .
وفي قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ) .
وقد صَدَّقَ الفادي المجرم هذه التهمة، وأَلْصقَها برسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -.
قال: " لقد رأَوْا محمداً يأْمُرُ أَصْحابَه بأَمْر، ثم يَنهاهم عنه، ويأمُرُهم بخلافِه، ويقول اليومَ قولاً، ويَرجعُ عنه غداً.
فقالوا: إِنَّ ما تقولُه إِنما هو من تلقاءِ نفسِك؟
لأَنه لو كانَ كلامَ الله لكانَ ثابتاً، لا يُنْسَخُ ولا يَتَغَيَّرُ.. ".
وَنَزَّهَ اللهُ رسولَه - صلى الله عليه وسلم - عن تهمةِ الافتراء، في آياتٍ كثيرة، منها قولُه تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤) .
وبَيَّنَ اللهُ أَنه لا يَسمحُ لأَحَدٍ في أَنْ يتقوَّل ويَفْتَريَ ويكذبَ عليه، حتى لو
كان رسولَه - صلى الله عليه وسلم -، وحاشاهُ أَنْ يَفعلَ ذلك.
قال تعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (٣٨) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (٣٩) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٤٢) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٣) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (٤٧) .
أَيْ: لو تَقَوَّل وكَذَبَ وافترى علينا لذَبَحْناه! بأَنْ نأخُذَه من يَمينِه،