للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذبيحة، ليُكَفّرَ عن خطايا الشعب (الملوك الأول: ٦/٨ و ٨، و ١٦/٩) .

ولم يكفَلْ زكريا مريمَ، لأَنها من سبْطِ يَهوذا، وزكريّا من سبْطِ لاوي

(عبرانيين: ٧/ ١٤) وكان زكريا يُقيمُ في حَبْرون، بينما كانت مريمُ تقيمُ في

الناصرة.. " (١) .

المرجعُ عند الفادي هو الكتابُ المُقَدَّس، وهو عنده الحَكَم على كلِّ ما

سِواه، وما وَرَدَ فيه فهو الصحيحُ والصواب، وما خالَفَه فهو الخطأ!! ولذلك

هو " يُحاكمُ " القرآنَ إِلى كتابِه، وأَيُّ كَلامٍ في القرآنِ اختلفَ مع ما في كتابِه

فهو الخَطَأ..

وهو لا يُؤمنُ أَنَّ القرآنَ من عندِ الله، ولذلك يُجيزُ وُقوعَ القرآنِ

في الخَطأ، لأَنه كلامُ بَشَرٍ يُخطئُ ويُصيب!!.

وحاكَمَ ما وردَ في القرآنِ عن زكريّا ويحيى وعيسى - عليهما السلام -، وما وردَ عن نشأةِ مريمَ - عليها السلام - إِلى ما في كتابِه الذي يؤمنُ به، وذَكَرَ ما وردَ في كتابِه بهذا الموضوع، واعتبرَ القرآنَ مخطئاً في حديثِه عنه!.

ونعتقدُ أَنَّ ما يفعلُه القِسّيسُ الفادي خطأٌ منهجيٌّ وَقَعَ فيه، وخِلافُنا معه

خِلافٌ جَذْرِيٌّ أَساسيّ منهجي.

إِننا نوقنُ أَنَّ القرآنَ كلامُ الله، وهو يُنكرُ ذلك، ونحنُ نوقنُ أَنه لا خَطَأَ

في القرآن، وهو يُثبتُ ذلك، ونحن نوقنُ أَنَّ اليهودَ حَرَّفوا التوراةَ في أَسفارِ

العهدِ القديم، وهو يَنفي ذلك، ونحنُ نُوقِنُ أَنَّ النَّصارى حَرَّفوا الإنجيل، وهو

يَنفي ذلك! ومرجعُنا القرآنُ، وهو يرفضُ أَنْ يكونَ مرجعاً لَهُ، ومرجعُه هو

الكتابُ المقدس ونحن نرفضُ أَنْ يكونَ مرجعَنا.

نرفضُ أَنْ يتعامَلَ الفادي مع القرآنِ على هذا الأَساس، ونرفضُ الأَحكامَ

التي يخرجُ بها من مقارنتِه بينَ القرآنِ والكتابِ المقَدَّس.

فالصوابُ هو ما ذَكَرَه القرآنُ عن ما يتعلقُ بمريمَ وزكريا - عليهما السلام -، وما قاله الكتابُ المقَدَّسُ مخالِفاً لما قالَه القرآنُ نجزمُ بأَنه خَطَأ.


(١) جاء في كتاب شبهات المشككين ما نصه:
٨٣- انتباذ مريم
إن فى القرآن: أن مريم انتبذت من أهلها مكاناً شرقيًّا، واتخذت لها حجاباً من قبل أن تحبل بالمسيح. فلماذا انتبذت؟ هل كانت فى مشاجرة مع أهلها وهم المشهورون بالتقوى؟ ولماذا تسكن فتاة عذراء بعيدة عن أهلها؟
فى القرآن تناقض فى هذا المعنى. وهو أنه صرح بأنها كانت فى المحراب فى كفالة زكريا، وصرح بأنها انتبذت. أى خرجت منهم بعد مشاجرة.
وقال المؤلف: إن القرآن قد خالف الإنجيل فى مكان سكناها من قبل الحبل بعيسى - عليه السلام - ففى القرآن: أنها كانت تسكن فى محراب أورشليم، أو فى أى مكان مجهول. وفى الإنجيل أنها كانت تسكن فى " الناصرة " [لو ١: ٢٦ - ٢٣] .
الرد على الشبهة:
١ - جاء فى إنجيل يعقوب: أن مريم وهى فى سن الثالثة: ذهبت بها أمها بصحبة أبيها إلى " أورشليم " وسلماها إلى كهنة هيكل سليمان، وكانت علامات السرور تبدو عليها. ثم تركاها ورجعا إلى أورشليم، وعاشت مع الراهبات المنذورات إلى أن حبلت.
٢ - وإن أنت نظرت فى خريطة فلسطين. تجد حبرون أسفل أورشليم وقريبة منها، وتجد الناصرة على نفس الخط وبعيدة عن أورشليم. فتكون أورشليم غرب الناصرة، وشرق حبرون.
٣ - وفى الإنجيل: " وفى ذلك الوقت ولد موسى وكان جميلاً جدَّا. فربى هذا ثلاثى أشهر فى بيت أبيه. ولما نُبذ؛ اتخذته ابنة فرعون، وربته لنفسها ابناً " [أعمال ٧: ٢١]
قوله " ولما نبذ " لا يدل على أن أهله كرهوه وإنما يدل على أنهم وضعوه فى التابوت وهم لوضعه كارهون. ومن ينتبذ عن قوم؛ لا يدل انتباذه عنهم على كرهه لهم، وإنما يدل على ابتعاده عنهم لسبب أو لأسباب. وإذ صح وثبت أن ابتعادها عنهم كان لعبادة الله؛ يثبت أنها لم تنتبذ لمشاجرة.
٤ - وقد تبين أن " الناصرة " من نصيب سبط زبولون - وهو من أسباط السامريين - وهى من سبط يهوذا - على حد زعمه - فكيف تكون من سكان الناصرة؟ وإذا كانت من سكان الناصرة، فلماذا أتت إلى أورشليم لتعدّ مع سكانها. وسكان أورشليم من سبطى يهوذا وبنيامين؟ فالحق ما قاله القرآن أنها كانت هارونية. ومعلوم أن زكريا وامرأته ويوحنا المعمدان كانوا من التابعين لأهل أورشليم. اهـ (شبهات المشككين) .

<<  <  ج: ص:  >  >>