للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحيح أو الصواب ما قاله في "التتمة"، وهو جريان القولين في الحدثين. قال: بل قطع الشيخ أبو حامد والماوردي وآخرون بأنه لو بان لهم بعد الفراغ أن الإمام كان جنبًا أجزأهم، ونقلوه عن نصه في "الأم".

قوله: ويشترط في الإمام أن يسمع أربعين من أهل الكمال، لأن مقصود الخطبة -وهو الوعظ- لا يحصل إلا بالإسماع، وهو رفع الصوت بحيث يسمعون، وكما يشترط في صحة النكاح سماع الشهود للخطبة، فلو رفع صوته قدر ما يبلغ، ولكن كانوا كلهم أو بعضهم صمًا فوجهان:

الصحيح: لا يصح كما لو بعدوا.

والثاني: يصح كما لو حلف لا يكلم فلانًا فكلمه بحيث يسمع فلم يسمع لصممه، فإنه يحنث انتهى. كلامه.

فيه أمور:

أحدها: أن وجوب إسماع الأربعين ذكره الرافعي والنووي في بقية كتبهما، مع أنهما قد صححا أن الإمام محسوب من الأربعين.

وقياسه الاقتصار على تسعة وثلاثين، فإن أرادوا إسماع نفسه، ومنع كونه أصم إذا كانوا أربعين فقط كان بعيدًا، ولا معنى له أيضًا.

الأمر الثاني: أنه قد تلخص مما ذكره الرافعي وجوب الرفع من الإمام، والسماع من المأمومين، والإسماع شامل لهما وبهذا نفاه الله تعالى عند انعقاد السماع فقال: {فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ} (١).

الأمر الثالث: أن ما جزم به من الحنث إذا لم يسمع الصممة قد اختلف فيه كلام النووي، وسأذكر ذلك واضحًا مع بيان ما يفتى به في موضعه إن شاء الله تعالى.

واعلم أن الكلام جميعه إنما هو في إسماع الأركان فقط لا الخطبة


(١) سورة الروم (٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>