الثالث: أن تعبيره بجعل هو بضم الجيم على البناء للمفعول فإن ابن عباس راو لا جاعل، والجاعل إنما هو شقران مولى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى لا يستعملها أحد بعده، كذا رواه مسلم في "صحيحه".
وشقران: بشين معجمة مضمومة، وقاف ساكنة.
الرابع: أن التعليل بالتصنيع يقتضي التحريم، ففي الصحيح "نهى عن إضاعة المال" وسيأتي التعرض لمثل هذا في مواضع منها في آخر النفقات.
فإن قيل: سكوت الصحابة على ذلك إجماع منهم على جوازه.
فالجواب: إن في الجزء الأول من الصحيح تخريج الدارقطني عن وكيع أن ذلك خاص برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وأيضًا فقد نقل في "شرح المهذب" أن الصحابة لم يعلموا بما فعله شقران.
قوله: ويكره تجصيص القبر والكتابة والبناء عليه، ولو بنى عليه هدم إن كانت المقبرة مسبلة، فإن كان القبر في ملكه فلا. انتهى كلامه.
وحاصله أن البناء على القبر مكروه مطلقًا سواء كان في مقبرة مسبلة أم لا.
وأما الهدم فيفصل فيه بين المسبلة وغيرها، إذا علمت ذلك ففيه أمران:
أحدهما: أن النووي قد تابعه في "الروضة" على كراهة البناء في المقابر المسبلة، وذكر في "المنهاج" من زياداته مثله أيضًا، وخالف ذلك في "شرح المهذب" فجزم بالتحريم فقال: ولا فرق في البناء بين أن يبني قبة أو بيتًا أو غيرهما، ثم ينظر فإن كانت مقبرة مسبلة حرم عليه ذلك.
قال أصحابنا: ويهدم البناء بلا خلاف.
قال الشافعي في "الأم": ورأيت من الولاة من يهدم ما يبنى فيها،