كذلك، وقد رأيت في "الذخيرة" للبندنيجي أن الداركي من أصحابنا قال بالكراهة.
الثالث: أن من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس من النهار لا من الليل، ولا شك في لحاقة بالليل لوجود المعنى، وهو مشقة الإجماع، بل هو في المشقة أشد مما بعد الغروب لاسيما إذا جهز وحمل قبل الغروب، ولم يبق بعد الغروب إلا الدفن أو كان البيت مثلًا في المقبرة لأن البيت لا يؤخر لكثرة المصلين.
ولقائل أن يمنع استحباب التأخير إلى النهاية في الصورتين المذكورتين طلبًا للإسراع بالجنازة.
قوله: ولا يكره الدفن في الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها بالإجماع، وأجابوا عن حديث عقبة بن عامر في "صحيح مسلم": ثلاث ساعات نهانا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الصلاة فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا (١). وذكر وقت الاستواء والطلوع والغروب.
وأجاب القاضي أبو الطيب وصاحب "التتمة" بأن الحديث محمول على تحري ذلك، وقصده بخصوصه دون ما قبله وبعده. انتهى ملخصًا.
فيه أمران:
أحدهما: أن هذا الجواب قد نقله في "شرح المهذب" عن غيرهما أيضًا، واستحسنه فدل ذلك على موافقته على الكراهة عند القصد المذكور.
الثاني: أن المراد بالأوقات التي يكره تحريها، إنما هي الثلاثة المذكورة في الحديث لا الوقتان الآخران المتعلقان بالفعل، وهما ما بعد صلاة الصبح وصلاة العصر، وإن كانت الصلاة فيهما مكروه أيضًا، فاعلمه، وكلام الكتاب والحديث والمعنى يدل على ذلك والمذكور في "المنهاج" في هذا
(١) أخرجه مسلم (٨٣١) وأبو داود (٣١٩٢) والترمذي (١٠٣٠) والنسائي (٥٦٠) وابن ماجة (١٥١٩) وأحمد (١٧٤١٥).