قلت: وقد رأيت في "الأم" الجزم بالصحة من غير تقييد بالكبير فقال في أول كتاب الحج: وإذا أذن للمملوك بالحج أو أحجه سيده كان حجه تطوعًا. هذا لفظه.
وأحجه بالهمز معناه: صيره حاجًا، والتخريج على التزويج كما قاله ابن الرفعة مردود؛ فإن الوصي والقاضي يحرمان عن الصبي وإن لم يزوجاه؛ وذلك لما فيه من حصول الثواب والتمرين له من غير لزوم مال.
قوله: وأما وجوب حجة الإسلام فتعتبر فيه هذه الشرائط؛ فلا يخاطب بالحج كافر أصلي في كفره ولا عبد ولا صبي ولا مجنون. انتهى.
فيه أمور:
أحدها: أن إطلاق هذه العبارة بالنسبة إلى الكافر ليس بجيد فقد ذكر في الصلاة أن الكفار مأمورون بالصلاة وغيرها، وعبر باللفظ الذي نفاه هاهنا وهو لفظ الخطاب، والمذكور هناك هو الموافق لقواعد الشافعي -رحمه الله-.
نعم: لا يلزم في كفره بإيقاع الفعل، وهو المراد.
الأمر الثاني: أن الرافعي -رحمه الله- قد احترز بالأصلي عن المرتد فإنه مخاطب بالحج كما صرح به الشيخ في "التنبيه" فقال: إنه يجب عليه ولا يصح منه، بعد أن ذكر أن الكافر الأصلي لا يجب عليه.
فإن قيل: فما فائدة تكليف المرتد بذلك؟ لأنه إن قتل أو مات على الردة فلا يمكن القول بالقضاء عنه لاستحالة وقوع الحج لكافر.
وأما النائم فلا فرق فيه عندنا بين المرتد والكافر الأصلي كما تقدم.
وإن عاد إلى الإسلام نظر إن لم يكن ماله باقيًا فلا سبيل أيضًا إلى تكليفه بإيقاعه لعدم قدرته عليه، وإن كان باقيًا لم يكن الوجوب عليه بعد