وأظهرهما -ويحكي عن نصه في الأم: يجوز؛ لأن غيرها لا يتقدم عليها، وهذا القدر هو المرعي؛ فعلى الأول إن أحرم الأجيران معًا صرف إحرامهما إلى نفسهما، وإن سبق أحدهما وقع إحرامه عن المغصوب وانصرف إحرام الآخر إلى نفسه. انتهى.
فيه أمور:
أحدها: في إيضاح تعليل الوجهين؛ فأما الأول فقد وقع فيه اضطراب في نسخ الرافعي؛ ففي بعضها ما ذكرناه وهو الصواب ومعناه أن حجة الإسلام في مثالنا لا تتقدم على غيرها وتقدمها لابد منه.
وأما تعليل الثاني فوجه ما قاله فيه أنه إن أحرم بهما معًا أو بفرض الإسلام أولًا فواضح عدم تقدم غير فرض الإسلام على فرض الإسلام، وأن تقدم إحرام غير الفرض وقع عن الفرض كما تقدم.
فإذا أحرم الآخر به -أي بالفرض- وليس هو عليه انصرف إلى ما بقي عليه وهو القضاء أو النذر.
الثاني: قد تقرر من كلامه أن الاعتبار بالإحرام مع أن الذي أحرم أولًا قد يتأخر تحلله وأداؤه الأركان عن المتأخر فيؤدي أيضًا إلى المحذور المذكور، بل التقدم حقيقة إنما وجد في مثالنا في الحجة التي تأخر إحرامها؛ لأن الحجة عبارة عن مجموع الأفعال والمجموع قد تأخر عن تلك.
ولو قيل بالتعارض ووقوعهما عن الأخير لم يبعد.
وفائدة هذا كله فيما إذا فاوت في الجعل فقال: من حج عنى حجة الإسلام فله ألف مثلًا ومن حج القضاء فله خمسمائة، سواء صدر ذلك من مغصوب أو موص.