ولو أحرم أحدهما بالقضاء أو النذر وتحلل منه التحللين ثم شرع الآخر في حجة الإسلام انعكس الحال كما لو فعل المستأجر ذلك، ويحتمل أن يقال: إنه يقع عن الأخير حيث حكمنا بالانعكاس؛ لأنه لم يأت بالمأذون فيه، إلا أن قول الرافعي وإن سبق أحدهما رفع إحرامه عن المغصوب ينفيه.
الثالث: أن كلامه في التقدم يحتمل معنيين:
أحدهما: مفهومه المطلق وجميع ما سبق إنما هو تفريع عليه.
والثاني: أن يريد به بالنسبة إلى سنتين فيكون مراده بقوله في تعليل الأول لأن حجة الإسلام لا تتقدم على غيرها أنها لم تقع في سنة متقدمة على سنة القضاء والنذر، وهكذا أيضًا مراده في تعليل الثاني، وهذا الاحتمال الثاني هو ظاهر كلامه؛ لأنه قد جزم في تعليل الأول بأن حجة الإسلام لم تتقدم على غيرها، وهو صحيح بالنسبة إلى السنة لا إلى التقدم الحقيقي؛ فإن فرض الإسلام قد يقدم على غيره وقد يتقدم غيره عليه وقد يقفان معًا، والرافعي قد سَلّم هذا في تعليل الوجه الثاني ولكن انتقل إلى شئ آخر.
قوله: وأما حجة التطوع فهل يجوز الاستنابة من المغصوب فيها واستنابة الوارث للميت؟ فيه قولان: أحدهما: لا؛ لبعد العبادات البدنية عن قبول النيابة وإنما جوزنا في الفرض للضرورة، وأصحهما -وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد: نعم؛ لأنه عبادة تدخل النيابة في فرضها فتدخل في نفلها كأداء الزكاة. انتهى كلامه.
وما أطلقه هنا من جواز ذلك للوارث محله إذا كان الميت قد أوصى به، أما إذا لم يوص فلا يجوز على المعروف.