وقد ذكر الرافعي بعد هذا في الكلام على سنن الإحرام ما يقوي ذلك.
والحديث الأول رواه أبو داود وابن ماجة والبيهقي، وإسناده ليس بقوي كما قاله في "شرح المهذب" ولفظ الحديث: "غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر"، أو "وجبت له الجنة" بلفظ "أو" وهو شك من الراوي.
وأما حديث إحرام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الميقات فثابت في الصحيحين.
قوله: وأفضل بقاع الحل لإحرام العمرة الجعرانة ثم التنعيم ثم الحديبية، وليس النظر إلى المسافة ولكن المتبع سنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد نقلوا أنه اعتمر من الجعرانة مرتين: مرة عمرة للقضاء سنة سبع، ومرة عمرة هوازن.
ولما أرادت عائشة أن تعتمر أمر أخاها عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم، وصلى بالحديبية عام الحديبية وأراد الدخول منها للعمرة فصده المشركون عنها؛ فقدم الشافعي - رضي الله عنه - ما فعله ثم ما أمر به ثم ما هم به.
والجعرانة والحديبية على ستة فراسخ من مكة، والتنعيم على فرسخ. انتهى.
فيه أمور:
أحدها: أن الرافعي قد فضل الإحرام بالحج والعمرة من باب داره على الإحرام بهما من الميقات وإن كان على خلاف ما فعله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما فيه من طول زمن الإحرام؛ وحينئذ فيقال له لم راعيت ذلك في هذه المسألة ولم تراعه في تعيين ميقات العمرة؛ فإنك قدمت التنعيم على الحديبية والحديبية أبعد كما تقدم لاسيما وأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان على عزم الرحيل لما