ودعوى ثبوته ممنوعة، بل هو مرسل فإن الشافعي رواه بسند صحيح عن مجاهد عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هكذا ذكره البيهقي، ورواه أيضًا سعيد بن منصور في "سننه" عن عكرمة قال: نظر النبي -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حوله وهو بعرفة فقال: لبيك اللهم لبيك، إن الخير خير الآخرة. هذا لفظه.
ورواه أبو ذر الهروي في "مناسكه" بلفظ آخر، ولفظه كما نقله عنه الطبري شارح "التنبيه": أنه -عليه الصلاة والسلام- لما أحرم ورأى كثرة الناس تواضع في رحله وقال: لا عيش إلا عيش الآخرة.
واعلم أن الشافعي في "الأم" نقل أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال ذلك في أسَرّ أحواله، فأما الأشد ففي حالة حفر الخندق، وأما الأيسر فحين وقف بعرفات ورأى جميع المسلمين.
وقوله: العيش عيش الآخرة. يعني أن الحياة المطلوبة الهنية الدائمة هي حياة الدار الآخرة.
قوله. ولا يتكلم في أثناء التلبية بأمر أو نهي أو غيرهما، لكن لو سَلَّم عليه رد. نص عليه. انتهى.
زاد النووي على هذا فقال: ويكره التسليم عليه في حال التلبية، والله أعلم.
وليس في كلامهما ولا فيما نقلاه عن الشافعي ما يؤخذ منه أن الرد على سبيل الإيجاب أو الاستحباب، بل ربما يفهم منه الوجوب وليس كذلك بل الرد مستحب.
كذا نص عليه الشافعي في "الأمالي" بعد ثلاثة أوراق من كتاب الحج فقال ما نصه: وقال -يعني الشافعي: ولا بأس أن يرد الملبي السلام بين ظهراني التلبية وأن يأمر بالحاجة، ولو ترك الأمر بالحاجة في بعض التلبية