قوله: وإن كان ممن يتكرر دخوله كالحطابين والصيادين ونحوهم فإن قطعنا بنفي الوجوب في الحالة الأولى فهاهنا أولى. وإن سلكنا طريقة القولين فهاهنا طريقان:
أحدهما: طرد القولين.
وأصحهما: القطع بنفي الوجوب، وبه أجاب "التلخيص" لما فيه من المشقة. ثم قال: وفي وجه ضعيف أنه يلزمهم الإحرام في كل سنة مرة.
انتهى كلامه. فيه أمران:
أحدهما: أن ما عزاه إلى "التلخيص" من القطع بعدم الوجوب غلط؛ فإن في "التلخيص" الجزم بطريقة القولين، وزاد على ذلك فصحح الوجوب فقال في أول كتاب الحج ما نصه: ويجب على كل من أراد دخول مكة الإحرام بحج أو عمرة إلا على واحد وهو الملوك.
وفيه قوله: أنه رخص للحطابين ومن دخله لمنافع أهلها. هذا لفظه بحروفه، ومنه نقلت.
الأمر الثاني: أن حكاية الإيجاب في كل سنة وجهًا، واستضعافه إياه ليس هو كما قال فيه، بل هو قول للشافعي منصوص عليه في الجديد، وله توجيه ظاهر. فأما الأول فإن الشيخ أبا حامد في "تعليقه" والمحاملي في "مجموعه". وغيرهما نقلوه عن نصه في "الإملاء".
وأما الثاني فإن الجزم يقتضي إيجاب الإحرام إذ التفريع عليه وإيجاب هذا في كل مرة يشق عليهم فأوجبناه في السنة مرة لأنه المقدار الذي عهد وجوبه إحياء الكعبة فيه تعظيمًا لها بالحج أو العمرة.