للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: إن دخل من خارج الحرم، فأما أهل الحرم فلا يلزمهم بلا خلاف.

الثاني: أن لا يدخلها لقتال باغ أو قاطع طريق أو غيرهما أو خائفًا من ظالم.

دخل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مكة عام الفتح غير محرم (١)، لأنه كان مترصدًا للقتال خائفًا غدر الكفار.

الثالث: أن يكون حرًا؛ أما العبيد فلا إحرام عليهم بحال لأن منافعهم مستحقة للسادة.

فإن دخلوا بإذن لم يجب أيضًا بالاتفاق لأن الإذن في الدخول لا يتضمن الإحرام. كذا قاله الإمام.

ومن يلزمه الإحرام بالدخول لا يبعد منه المنازعة في هذا التوجيه.

فإن أذن له السيد في الدخول محرمًا لم يلتحق بالإحرام في أقيس الوجهين. انتهى ملخصًا.

فيه أمور:

أحدها: أن الاستدلال على عدم الوجوب بدخوله -عليه الصلاة والسلام- غير محرم ذهول ومناقض لما ذكر هو وغيره في كتاب النكاح أن من خصائص النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دخول مكة بغير إحرام على القول بالوجوب على غيره.

الأمر الثاني: أن كلامه يقتضي أن مكة وغيرها من أرض الحرم كسائر البلاد في جواز القتال بسبب البغاة أو الكفار، وهو كما قاله النووي في "شرح المهذب" ونص عليه الشافعي في "اختلاف الحديث" وفي "سنن الواقدي" من "الأم" فقال: معنى الحديث الناهي عن القتال فيها أن ينصب


(١) أخرجه مسلم (١٣٥٨) من حديث جابر - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>