فإن كان بعد الطواف ما أجزأه عن الفرض وإن لم يكن عقب طواف ما لم يجزئه هذه عبارته.
وتدخل في هاتين العبارتين صورة أخرى؛ وهي ما إذا أحرم المكي بالحج كما فرضنا ثم ينتقل بالطواف وأراد السعي بعده.
وقد صرح الطبري شارح "التنبيه" بالمسألة وجزم بالإجزاء.
قال وروى أن ابن عمر وابن الزبير فعلاه، إلا أن فيها نظرًا، وكلام الرافعي في المسألة المتقدمة يقتضي المنع.
الأمر الثاني: أن الرافعي لما حكم في الصورة التي ذكرها بأن الطواف الذي أتى به على أنه للوداع لا يقع عنه لم يتعرض لصحة السعي بل كلامه يوهم عدم الاعتداد به. وليس كذلك بل هو صحيح؛ فتفطن له. وذلك لأنه لا يخلو إما أن يكون قد طاف للإفاضة أم لا؛ فإن طاف صح هذا السعي لتقدم طواف الإفاضة عليه وتراخيه عنه لا يقدح وإن لم يطف وقع هذا الطواف عنه كما صرح به الرافعي وغيره، ويلزم منه الصحة بطريق الأولى.
الأمر الثالث: أن منع الرافعي طواف الوداع عند بقاء شئ من المناسك كيف يستقيم، لأن السعي والحلق لا آخر لوقتهما، ويجوز للحاج أن يخرج من مكة قبل أن يفعلهما؛ وحينئذ فهو محتاج إلى طواف الوداع.
فإذا قال: أنا أخرج وأحلق في بلدى؛ فإن صححنا طواف الوداع بطل ما قاله، وإن لم نصححه لزم لخروج بلا وداع أو وجوب الحلق والسعي قبل الخروج.