وقال الشيخ أبو محمد والإمام وغيرهما: تكره إعادته لأنه بدعة.
هذا كلامه، وليس في "المحرر" ولا في "المنهاج" تصريح بشئ بل فيهما أنه لا يعيده.
قوله: غير أنه لا يتصور وقوع السعي بعد طواف الوداع فإن طواف الوداع هو الواقع بعد فراغ المناسك، فإذا بقي السعي عليه لم يكن المأتي به طواف الوداع. انتهى كلامه.
تابعه عليه في "الروضة"، وفيه أمور:
أحدها: أن ما قالاه من عدم تصوره وذلك لأن طواف الوداع يؤمر به من أراد الخروج من مكة حلالًا كان أو محرمًا، لكن هل من شرطه أن يخرج إلى مسافة القصر أم لا؟
فيه خلاف مذكور في موضعه؛ وحينئذ فنقول: يتصور ذلك بما إذا أحرم بالحج من مكة ثم أراد الخروج، قيل: فيطوف هذا المحرم للوداع ويخرج لحاجته ثم يعود ويسعى بعد عوده؛ إذ الموالاة بين السعي والطواف غير شرط عندنا.
وهذا التصوير واضح جلي، وقد ذكره صاحب "البيان" والشيخ أبو نصر البندنيجى، وزاد على ذلك فجزما بالصحة وقالا إنه مذهب الشافعي ونقله النووي في "شرح المهذب" عنهما وسلم التصوير، لكنه نازع في الصحة فقال: ولم أر لغيرهما ما يوافقه.
قال: وظاهر كلام الأصحاب أنه لا يجوز إلا بعد القدوم والإفاضة.
وهذا التوقف منه في الصحة مع هذا النقل الصريح مردود. وما ذكر الأصحاب لطواف القدوم والإفاضة دون غيرها فلأن ذلك هو الغالب، وقد ذكر -أعني: النووي- في "شرح المهذب" كلامًا تدخل فيه هذه الصورة فإنه قال الكلام على دخول البيت ما نصه: ويشترط كون السعي بعد