وإذا لم يثبت عليه فكيف يلزم بالنذر مع اتفاقهم على أن النذر لا يصح إلا في قربة.
وبالجملة فالذى ذكره في "الروضة" غير مطابق لكلام الرافعي؛ فإن الرافعي قد قال ما نصه: وقوله يعني الغزالي لا خلاف في أنه مستحب يلزم بالنذر ليس صافيًا عن الإشكال لأن التوجيه الذي مر يقتضي كونه من المباحات على قولنا أنه ليس بنسك وقد ذكر غيره أنه إنما يلزم بالنذر على قولنا أنه نسك.
هذا لفظ الرافعي، ولم يذكر في هذه المسألة غيره، وذكر مثله في "الشرح الصغير" أيضًا، وهو صريح في إنكاره؛ وليوضح ذلك فيقول: قد علمت أن الغزالي ذهب إلى استحبابه على القول بأنه ليس بنسك، ويلزم من استحبابه لزومه بالنذر، ونزاع الرافعي ليس في الوجوب على تقدير تسليم الاستحباب بل إنما نازع في الاستحباب المقتضي للوجوب؛ ولهذا عبر بقوله لأن التوجيه الذي مر يقتضي كونه من المباحات فتأمله. . إلى آخره.
وحاصل ما يستفاد من سياقه رجحان الإباحة وعدم الوجوب، وهو كلام صحيح.
وأما ما صححه النووي من الوجوب بناء على أنه ليس من المناسك فلا يستقيم؛ لأنه إن كان تفريعًا على أنه مستحب فهو تفريع صحيح غير أنه لا يقول هو به فإنه قد صرح في "شرح المهذب" وغيره فعبر بعدم الثواب كما تقدم نقله عنه في المسائل السابقة، وإن كان مع القول بالإباحة فلا يستقيم لأن اللازم بالنذر إنما هو المستحب دون المباح؛ فالصواب إما أن يقول باستحبابه ولزومه بالنذر أو بإباحته وعدم لزومه.