بطواف الوداع، وكذا الآفاقي إذا حج وأراد الإقامة بها ولو كان من جملة المناسك لعم الحجيج. انتهى كلامه. فيه أمور:
أحدها: أن ما قاله من كون طواف الوداع ليس من المناسك مردود؛ فقد تظافر على أنه من المناسك كلام الشافعي والأصحاب؛ فقد قال الشافعي في "الإملاء" بعد تقريره أنه ليس بواجب ما نصه: فإن قال قائل: فلم أمرتموه أن يهريق دمًا. قيل: هو شيء أمر به من الحج والعمرة فتركه. هذا لفظه ومن "الإملاء" نقلت. وقال في "الأم" في باب الطواف بعد عرفة: أعمال الحج منها ما إذا تركه ورجع إليه سقط عنه الدم، ولو لم يرجع لزمه الدم مثل الميقات في الإحرام ومثله والله أعلم طواف الوداع قياسًا على المزدلفة والجمار والبيتوته ليالي منى لأنه نسك قد تركه.
هذا لفظه في "الأم"، وصرح به القاضي في "التلخيص" وصاحب "التقريب" والمحاملي والقاضي الحسين، وكذلك القاضي أبو الطيب في استدلاله على وجوبه، وقال الماوردي: أنه من سنن الحج، وكذلك أبو بكر بن لال في "مختصر" له لطيف حنيفة في العبادات خاصة وسماه "شرح ما لا يسع المكلف جهله" وصاحب "التنبيه" أنه من واجباته، ونقله الفوراني في "العمد" عن الأصحاب فقال ما نصه: قال أصحابنا: طواف الوداع من جملة الأبعاض.
قال القفال: وهذا غلط. انتهى.
وأيضًا فقد اتفقوا على جبره بالدم عند الترك وجوبًا إن قلنا بوجوبه، وهو دليل على أنه من الحج لأن الدم إنما يجب للتحلل الحاصل في الحج لا لترك المأمور به يتجرد بدليل وجوبه إذا ترك الإحرام من الميقات وعدم وجوبه إذا ترك الإحرام لدخول مكة.