وهذه غير مسألة الشيخ أبي على المذكور أخيرًا؛ فإن مسألته في الدم الذي وجب للقران المرتب في الذمة، وقد صحح الرافعي قبل ذلك في أوائل الحج في الكلام على الاستئجار للقران والتمتع ما يوافق الشيخ أبا على، وقد تقدم التنبيه عليه، وجزم أيضًا في كتاب النذر في الكلام على نذر الحج بما يقتضيه أيضًا فراجعهما.
وقد توهم النووي أن المراد بالأولى هو المراد بالثانية فقال عقب كلام الشيخ أبي على ما نصه: قلت: المذهب وجوب دم آخر إذا أفرد في القضاء، وبه قطع الجمهور، وممن قطع به الشيخ أبو حامد والماوردي والمحاملي والقاضي أبو الطيب في كتابيه والمتولي وخلائق أخرون وهو مراد الرافعي بقوله في أوائل هذا النوع، ولا يسقط دم القران لكنه ناقصه بهذه الحكاية عن أبي على، والله أعلم.
قال: والحمل على هذه الصورة عجيب لوجوه:
منها: أن السياق يدفعه.
ومنها: أنه لم يكن قد تكلم على إيجاب الدم للقضاء حتى تكلم بعده على إسقاطه.
ومنها: إلزام التكرار والتناقض بعد أسطر.
وهذه الأمور ظاهر الكلام وصلا عن غيره، وبالجمله فهو فاسد بلا شك مؤد إلى إسقاط مسألة الرافعي.
واعلم أن النووي قد ذكر في أول باب الفوات والإحصار من "شرح المهذب" هذه المسألة أعني القضاء على سبيل الإفراد. وحكى وجها أن الدم يسقط، وذكرها أيضًا في هذا الموضع من الشرح المذكور، وقال: إنه لا خلاف في عدم السقوط.