والذي قاله من وجوب الجزاء مشكل؛ فإنه قد ذكر هو والرافعي وغيرهما أنه لا يجب تقديم الإرسال على الإحرام بلا خلاف وحينئذ فينبغي الجزم بعدم الضمان؛ لأنه لم يوجد منه إتلاف ولا تقصير في الإرسال؛ يؤيده أنهم قالوا بعدم الضمان فيما إذا نذر التضحية بشاة معينة ثم ماتت يوم النحر وقبل إمكان الذبح، وبالجملة فالرافعي لم يصححه وإنما نقل عن الإمام أنه المذهب.
قوله فيها أيضًا: ولو اشترى المحرم صيدًا أو انتهبه أو أوصى له به فقيل: لم يصح ذلك في الأظهر. ويدل على المنع ما روي أن الصعب بن جثامة أهدي لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حمارًا وحشيًا فرده عليه، فلما رأى ما في وجهه قال: إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم (١).
ثم قال ما نصه: فإن لم نصحح هذه العقود فليس له القبض، فإن قبض فهلك في يده لزمه الجزاء ولزمه القيمة للبائع.
قلت: كذا ذكر الإمام الرافعي هنا أنه إذا هلك في يده ضمنه بالقيمة للآدمي مع الجزاء. هذا في الشراء صحيح، أما في الهبة فلا تضمن القيمة على الأصح؛ لأن العقد الفاسد كالصحيح في الضمان والهبة غير مضمونة. انتهى كلامه.
واعتراضه عليه عجيب؛ فإن الرافعي لم يذكر هنا أنه تلزمه القيمة للمالك حتى يدخل فيه الوارث، بل احترز عن الوارث بتعبيره بالبائع، وقد نقله هو عنه كذلك قبل استدراكه عليه بقليل كما تقدم لك من عبارته.
ثم إن النووي لما وقع له في "الروضة" ما وقع اعترض عليه في "شرح