الثاني: أن ما قاله الإمام وارتضاه الرافعي وصوبه النووي من أن الواجب في الظبي إنما هو العنز غلط فاحش؛ فإن الظبي من الذكور والعنز من الإناث كما تقدم من كلام الأزهري في المسألة السابقة، وصرح بهما جميعًا النووي في كتبه "كالتهذيب" و"اللغات" و"الدقائق"، بل الصواب أن في الظبي تيسًا كما قاله القائل المردود عليه بسبب التحريف.
الثالث: في تقرير الاعتراض الوارد على إيجاب العنز في الغزال، وهو اعتراض صحيح غير أنه لم يفصح عنه وتقريره أن الغزال يطلق على الذكر والأنثى من صغار هذا الجنس كما تقدم؛ فقد تقدم فيما نقلناه عن الأزهري أن العنز هي الأنثى التي لها سنة ودخلت في الثانية فلا يمكن إيجابها في الغزال لأمرين:
أحدهما: كبرها وصغر الغزال.
والثاني: أن الغزال قد يكون ذكرًا فلا يمكن إيجاب الأنثى فيه.
إذا علمت تقرير الاعتراض وصحته فاعلم أن الرافعي قد خالف ذلك فجزم في "المحرر" بموافقة هذا القائل في إيجابه العنز في الغزال وتبعه عليه النووي في "المنهاج" و"المناسك" فجزم به أيضًا، وأقر الشيخ على ذلك فلم ينبه عليه في تصحيحه هذا مع قوله: إنه وهم.
قوله: وأما ما لم ينقل فيه عن السلف شئ فيرجع فيه إلى قول عدلين وليكونا فقيهين كيسين. انتهى.
وهذه العبارة ذكرها أيضًا في "الشرح الصغير" وليس فيها تصريح بل ذلك على سبيل الإيجاب أو الاستحباب. فأما الكياسة فهي الفطنة كما قاله في "الروضة" وأبدلها بها؛ فوجوبها ظاهر.