للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإجارة وهكذا الحكم في الربا أيضًا.

ولو كانت المنفعة متعلقة ببدنه، كما لو جعل رأس المال تعليم سورة أو خدمة شهر وسلم نفسه، فإن أخرج نفسه بعد ذلك من التسليم كما هو الغالب لم يكف بخلاف الدار والعبد، لأنهما مال فيمكن الحكم باستدامة اليد الشرعية عليهما، والحر لا يدخل تحت اليد المتصلة، فكيف في حال الانقطاع، وإن لم يخرج نفسه ففيه نظر لما ذكرناه.

والمتجه: الجواز لأن الأجرة تستقر بذلك، وكلام "المنهاج" يقتضي الاكتفاء مطلقًا، فإنه عبر بقوله: ويجوز كونه منفعة، ويقبض بقبض العين. هذه عبارته، والقياس ما ذكرناه.

قوله: ولو قبض رأس المال، ثم رده إلى المسلم عن دين، قال أبو العباس الروياني: لا يصح، لأنه تصرف قبل انبرام ملكه، فإذا تفرقا فعن بعض الأصحاب: أنه يصح السلم لحصول القبض، وإلزام الملك، ويستأنف إقباضه للدين. انتهى.

والصحيح في هذه المسألة: صحة إقباضه عن الدين، وأن العقد يلزم فافهمه، وذلك لأن التصرف قبل انبرام الملك أي في مدة [خيار البائع، وإنما يمتنع إذا كان مع غير البائع لأن صحته تقتضي اسقاط ما ثبت له من] (١) الخيار.

فأما إذا كان معه فالأصح فيه الصحة، ويكون ذلك إجازة منهما.

كذا ذكره الرافعي في الكلام على الخيار، وفي باب الربا.

وحينئذ فيكون إقباضه له عن الدين صحيحًا وإلزامًا للعقد فاعلمه.

وسكوت الرافعي والنووي على ما تقدم يشعر بأن الحكم كذلك، وبأنهما قد ارتضياه، وكأنهما لم يستحضرا ما قدماه.


(١) سقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>