قوله: ولو كان له في ذمة الغير دراهم، فقال: أسلمت إليك الدراهم التي في ذمتك على كذا، نظر: إن شرط الأجل فيه فهو باطل لأنه بيع الدين بالدين، وإن كان حالًا ولم يسلم المسلم فيه قبل التفريق فكمثل، وإن أحضره وسلمه فوجهان:
أحدهما: يصح كما لو صالح من تلك الدراهم على دنانير وسلمها في المجلس.
وأظهرهما: المنع، لأن قبض المسلم فيه ليس شرط، وإن كان المسلم حالًا، فلو وجد لكان متبرعًا به، وأحكام البيع لا تبنى على التبرعات.
ألا ترى أنه لو باع طعاما بطعام إلى أجل، ثم تبرعا بالاحضار لم يجز. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما ادعاه من أن قبض المسلم فيه ليس بشرط، إن أراده في هذه المسألة فممنوع، لأن من يشترط إحضار أحد العوضين يشترطه في صحة هذا العقد، وإن أراد في غيرها لم يضر.
الأمر الثاني: أنه على تقدير أن لا يكون قبضه شرطًا، لكن لا يقال فيه أنه تبرع، لأنه يجب على المسلم إليه الإعطاء في مجلس [العقد، فكيف يقال: لا يجب وهو حال قادر عليه؟ فإذا كان حالًا فيشترط عند هذا القائل تسليمه في المجلس](١)، فكيف يكون تبرعًا؟
وأما تنظيره بما إذا باع طعامًا إلى أجل فظاهر الفساد، لأن الإحضار هناك تبرع بلا شك.
وقوله:(متبرعًا به) هو بفتح الراء على البناء للمفعول.