ثم حكي وجهًا: أن الصلح لا يصح، ومنها: أن تكون جعالة كقوله: صالحتك من كذا على رد عبدي، أو انتزاع ملكي من فلان، ومنها: أن يكون خلعًا كقول المرأة: صالحتك من كذا على أن تطلقني طلقة، ولو قال الزوج: صالحتك من كذا على طلقة فيتجه أيضًا صحته.
ومنها: أن تكون معاوضة عن دم العمد كقوله: صالحتك من كذا على ما تستحقه أنت علىّ، أو على ما أستحقه أنا عليه من القصاص في النفس مثلًا أو الطرف.
ومنها: أن تكون فداء كقوله للحربي: صالحتك من كذا على إطلاق هذا الأسير.
وهذه المسائل قد أهملها الأصحاب، وهي واردة عليهم جزمًا، وذكر ابن جرير الطبري قسمين آخرين:
أحدهما: أن يكون فسخًا كما إذا صالح المسلم المسلم إليه على رأس ماله، والذي قاله صحيح ماشٍ على القواعد، فقد ذكروا في الكلام على أحكام المبيع قبل قبضه أن بيعه قبل القبض للبائع بمثل الثمن الأول وإقالة بلفظ البيع، وهذا مثله لاشتراكهما في الفسخ، بل وقوع الفسخ هاهنا أولى لوقوع العقد فيه على نفس العوض، وهناك على مثله وصورته. [الثاني](١).
أن يكون سلمًا بأن يجعل العين المدعاة رأس مال سلم، وهذا إن صرح فيه بلفظ السلم كقوله: صالحتك من كذا على كذا في ذمتك سلمًا فواضح، وإن لم يصرح بل اقتصر على المصالحة، فيحتمل أن يقال فيه الوجهان فيما إذا أسلم بلفظ الشراء والظاهر أنه يكون سلمًا أيضًا كما أطلقه ابن جرير، لأن حد السلم صادق عليه، ولفظ الصلح لا يمنع القول به، لأنه لا يتعين للبيع.