ألا ترى أنه يصلح أيضًا للإجارة والهبة والإبراء والإعارة كما سبق.
قوله: المسألة الثانية: ذكر ابن القاص في "التلخيص": أنه إذا صالحه من أرش الموضحة على شيء معلوم جاز إذا علما قدر أرشها، ولو باعها لم يجز، وخالقه معظم الأصحاب في افتراق اللفظين، وقالوا: إن كان الأرش مجهولًا كالحكومة التي لم تقدر ولم تضبط لم يجز الصلح عنه ولا بيعه، وإن كان معلوم القدر والصفة كالدراهم والدنانير إذا ضبطت في الحكومة جاز الصلح عنها، وجاز بيعها ممّن عليه، وإن كان معلوم القدر دون الصفة على الحد المعتبر في السلم كالإبل الواجبة في الدية ففي جواز الاعتياض عنها بلفظ الصلح وبلفظ البيع جميعًا وجهان: أظهرهما فيما ذكره السرخسي: المنع. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما قاله الرافعي من التقسيم لكلام صاحب "التلخيص" لا ينطبق على ما نقله هو عنه، فإنه فرض المسألة في المصالحة على أرش الموضحة إذا علمنا قدر أرشها، وكأنه صالحه على خمس من الإبل، وهو القسم الثالث من تقسيم الرافعي، فلا يجيء القسمان الأولان أصلًا.
الأمر الثاني: أن الصحيح من الوجهين هو المنع كما قاله السرخسي كذا صححه الرافعي في "الشرح الصغير" والنووي في أصل "الروضة".
قوله: وإن اقصر على لفظ الصلح، وقال: صالحتك عن الألف التي لي عليك على خمسمائة، فوجهان كنظيرها في صلح الحطيطة، والأصح: الصحة ثم هل يشترط القبول؟ فيه وجهان كالوجهين فيما إذا قال لمن عليه الدين: وهبته منك، والأظهر: اشتراطه، لأن اللفظ في وضعه يقتضيه. انتهى كلامه.
وحاصله ترجيح اشتراط القبول في هبة الدين، لأنه إن كان الأظهر راجعًا إلى الهبة، وهو الظاهر فواضح، وإن كان راجعًا إلى الصلح،