ما يقوله مالك من المنع في كثير من هذه الحالات، واختاره الروياني عند ظهور تعنت فاعله، ويتأيد بأنه القياس الفقهي والقاعدة النحوية، أنها الأول فواضح، وأمّا الثاني فلأنه أقرب من الأول فوجب عود الضمير إليه، وقوله في الحديث (خشبة) روي بالإفراد والجمع.
قال الحافظ عبد الغني: الناس كلهم يروونه بالجمع إلا الطحاوي.
وقوله فيه:"أكتافكم"، هو بالمثناة من فوق، أي بينكم، ونقل القاضي عياض عن بعضهم أنه رواه بالنون، ومعناه أيضًا بينكم، فإن الكنف هو الجانب.
وفي "تعليقة القاضي الحسين": أن أبا هريرة قال ذلك حين كان متوليًا على مكة والمدينة.
الأمر الثاني: أنه يستثني من القولين الساباط، فلو أراد بناءه على شارع أو درب غير نافذ، ويريد أن يضع طرف الأخشاب على حائط جاره المقابل، فلا يجوز ذلك إلا بالرضا قولًا واحدًا، قاله صاحب "التتمة" وغيره، وجرى عليه في "المطلب".
الثالث: أن ما نقله الرافعي عن "التتمة" من الجزم بالمنع إذا لم يملك شيئًا، وتخصيص الوجهين بما إذا ملك اثنين أو واحدًا، فذكر -أعني صاحب "التتمة"- في إحياء الموات ما يخالفه، فإنه جزم بالوضع إذا ملك ثلاثة، ثم قال: وإن لم يملك فيها شيئًا أو ملك اثنين أو واحدًا فوجهان.
قوله في المسألة: فإن رضي بغير عوض فله الرجوع عنها قبل البناء، وكذا ما بعده في أصح الوجهين. انتهى.
وما صححه من جواز الرجوع قد جزم في البيع في الكلام على بيع الشجر بما يخالفه، وقد تقدّم هناك أيضًا أن الصّحيح خلافه.