قوله في المسألة: وما فائدة رجوعه؟ فيه وجهان مذكوران في الكتاب:
أظهرهما: أنه مخير بين أن يبقي بأجرة، وبين أن يقلع ويضمن أرش النقصان، كلما لو أعار أرضًا للبناء.
قال في "التهذيب": إلا أن في إعارة الأرض له خصلة أخرى، وهي تملك البناء بالقيمة، وليس لمالك الجدار ذلك، لأن الأرض أصل، فجاز أن يستتبع البناء، والجدار تابع فلا يستتبع.
والثاني رواه الإمام عن حكاية القاضي: أنه ليس له إلا الأجرة. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما نقله عن "الوجيز" من ذكر وجه التخيير غلط، لم يذكره الغزالي فيه ولا في "البسيط" ولا في "الوسيط"، وإنما ذكر وجهين:
أحدهما -وهو ما نقله عن الرافعي-: وهو الإبقاء بالأجرة.
والثاني: القلع وغرامة أرش النقص.
فقال: فمهما رجع كان له النقص بشرط أن يغرم له النقص.
وقيل: فائدة الرجوع المطالبة بالأجرة للمستقبل، هذا لفظ "الوجيز" فأسقط منه وجهًا غيره.
نعم التخيير ثابت، ذكره البغوي وغيره، ونقل الغزالي في "الوسيط" أن القاضي قائل بالأجرة، وهو غلط والصواب ما عبر به الرافعي نقلًا عن الإمام.
الأمر الثاني: أن ما أجاب به من التخيير بين الأمرين تبعه عليه في "الروضة" أيضًا، والصّحيح خلافه، وسنذكر المسألة إن شاء الله تعالى مع نظائرها، وما وقع فيها في باب العارية.