للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقلنا: لا يثبت الرجوع إذا لم يقيد، ففي امتناع مستحق الدين عن القبول وجهان:

أحدهما: ليس له الامتناع، وهو الأشهر، فإن المؤدي مستناب من جهة الإذن، وليس لمستحق [الدين] (١) تخير في عين المؤدى، فالوجه يقع.

الثاني: له الإمتناع، فإنه إذا كان لا يملك الرجوع فالمدفوع إلى مستحق الدين يقع فداءًا أو موهوبًا.

فإن كان فداءًا لم يلزمه القبول كما لو كان الأداء بغير إذنه، وإن كان المؤدي في حكم الموهوب ممّن عليه الدين فالهبة إنما يثبت الملك فيها بالقبض، ولمستحق الدين أن يقول: لست أحلت ملكًا لمن عليه الدين بيدي، ولا يلزمني ذلك. هذا كلامه.

ومخالفته لما قاله الرافعي ظاهر، ثم ذكر -أعني الإمام- بعده كلامًا آخر فقال: وإذا لم يبعد إلزامه تحصيل الملك للمؤدى عنه مع اقتراض عوضه باشتراط الرجوع لم يبعد الزامه قبض ما تقدر موهوبًا في حق المديون، وهذا أيضًا لا يحقق ما قاله الرافعي، فإن غايته أنه ذكر بحثًا في اللزوم عن القول بأنه هبة يبعد أن جزم بعدمه تفريعًا عليه، وجعل مستند اللزوم شيئًا آخر.

قوله: وأما اشتراط الغزالي أهلية التبرع، فقصد بها التجوز عن المحجور عليه بالسفه، ونحى فيه نحو الإمام حيث قال: المحجور عليه، وإن كان تصح عبارته عند إذن وليه فضمانه مردود من قبل أن ينزع، وتبرعات المبذر مردودة، ولا يصح من الولي الإذن فيها.

واعلم أن كون الضمان تبرعًا، إنما يظهر حيث لا يثبت الرجوع، فأما


(١) في أ، جـ: الإذن.

<<  <  ج: ص:  >  >>