حين ثبت فإنه إقراض لا محض تبرع، ويدل عليه نص الشافعي: على أنه إذا ضمن -أي في مرض موته- بإذن المديون حسب من رأس المال لما فيه من الرجوع وإلا فمن الثلث، فإن أذن فيه الولي -أي في الضمان- فليكن كما لو أذن في البيع. انتهى كلامه.
وما قاله الإمام والغزالي هو الصواب، واعتراض الرافعي عجيب.
فأما قوله: إن الضمان حيث يثبت الرجوع يكون قرضًا، فليس كذلك، بل القرض إنما هو الأداء، ألا تري أنه لا يثبت للضامن مطالبة المضمون عنه بمجرد الضمان، فكيف يكون قرضًا؟
وأمّا استدلاله بالنص المذكور فلا شاهد فيه له، وذلك لأن تصرف المريض على كل حال صحيح، فإذا ضمن وأدى ثم مات، فإن كان ضمانه بغير إذن فحسابه من الثلث واضح، وإن ضمن بلا إذن فقد تصرف تصرفًا صحيحًا آل إلي ثبوت عوض، فلا سبيل إلى حسبانه من الثلث مع ثبوت البدل، لكن هذا بشرط أن يجد الضامن مرجعًا كما نبه عليه هو -أعني الرافعي- في آخر الضمان، قال: فإن لم يجد ذلك لموت الأصل معسرًا، فهو محسوب من الثلث، وسنذكر كلام الرافعي عقب هذه المسألة لمعنى يتعلق به.
وأمّا تخريجه الإذن في الضمان على الإذن في البيع الفاسد، كما قاله النووي، لأن البيع إنما صح على وجه، لأنه لا يأذن إلا فيما فيه ربح أو مصلحة، والضمان غرر كله، وأيضًا فإنه قد يتلف ماله ويبقى المال في ذمته، فيكون التزاما لا في مقابله شيء.
وأيضًا فالولي ليس له أن يضمن في ذمة المحجور عليه، فكيف يجوز أن يأذن فيه؟ ، واعترض في "الروضة" أيضًا على كلام الرافعي، فإنه لو سلم أنه كالقرض كان القرض تبرعًا، فلا يصح إذن الولي فيه، ولذلك