وجه لم يذكره في "الوسيط" أن حريمها حريم البئر التي يستقى منها ولا يمنع من الحفر بعد ما جاوزه، وإن نقص؛ وهذا ما أورده أبو حامد ومن تابعه، انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن الغزالي لم يذكر مسألة القناة في "الوسيط" بالكلية.
الأمر الثاني: أن حكاية وجه بالحاق بئر القناة ببئر الاستقاء عجيب، فإن الحريم هو المحتاج إليه، وقد تقدم من كلام الرافعي أن بئر القناة لا يستقي منها، فكيف يكون من حريمها مواضع الوقوف للاستقاء، وأيضا فالإستقاء قد يكون بالنزح بالدلو، وقد يكون بالدولاب والهائم، ولم يبين المراد منهما على هذا الوجه.
قوله: لما روى أبو هريرة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:"حريم البئر البدئ خمسة وعشرون ذراعًا، وحريم البئر العادية خمسون ذراعًا"(١)، والبدئ: هي التي أحدثت في الإسلام، انتهى كلامه.
والبدئ: بباء مفتوحة وبالهمز في أخره على وزن فلس، ويقال: بالمد على وزن الرغيف.
والعادية: الجاهلية نسبة إلى عاد.
قوله: وهل تملك أراضي عرفة بالإحياء كسائر البقاع أم لا لتعلق حق الوقوف بها؟ فيه وجهان: إن قلنا: تملك، ففي بقاء حق الوقوف في ما ملك وجهان إن قلنا: يبقى، فذلك مع اتساع الباقي أم يشترط ضيقه عن الحجيج؟ فيه وجهان؛ هذا تلخيص ما حكاه الإمام وأشار صاحب "الكتاب" ههنا وفي "الوسيط" إلى ثلاثة أوجه في المسألة، ثالثها: الفرق بين أن يضيق الموقف فيمتنع
(١) أخرجه الدارقطني (٤/ ٢٢٠)، والحاكم (٧٠٤١)، وابن أبي شيبة (٤/ ٣٨٩)، والبيهقي في "الكبرى" (١١٦٥٠) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.