وبين أن لا يضيق فلا يمنع، وهو أظهر عنده, لكن المنع المطلق أشبه بالمذهب، وبه أجاب صاحب "التتمة" وشبهها بالمساجد ومواضع صلاة العيد والأماكن الموقوفة. انتهى كلامه.
فيه أمور:
أحدها: أن ما نقله عن "الوسيط" من حكاية ثلاثة أوجه ليس كذلك، بل هو في ذلك مطابق لكلام الإمام فلنذكر عبارته، ثم عبارة الغزالي.
فنقول: قال في "النهاية": لو أحيا المحيي بعض بقاع عرفة فقد اضطرب أصحابنا فيه فذهب القياسون إلى أنه يملكه ولا يضيق عرفة وإن أجيبت أطرافها عن حجيج الدنيا، ومن أصحابنا من قال لا يملكه لتعلق حق الوقوف ولو فتحنا ذلك ارتفع الاختصاص، وقد يفضي ذلك إلى الاستيعاب، ثم لا حجر على المحيي لو بنى أو غرس، وهذا يؤدي إلى إبطال حق الوقوف من البقاع المحياة والوجه الثالث أنه يملكه، ويبقى حق الوقوف وعلى هذا قال بعضهم يبقى حق الوقوف، وإن لم يضيق الموقف، وقال بعضهم: إنما يبقى عند ضيق الموقف هذا كلام الإمام، وأما الغزالي فقال: وفي امتناع إحياء عرفة ثلاثة أوجه:
أحدها: لا يمتنع إذ لا تضييف.
والثاني: يمتنع إذ فتح بابه يؤدي إلى التضييق.
والثالث: يجوز ثم يبقى حق الوقوف، هذه عبارته.
فقوله في الأول: إذ لا تضييق تعليل للجواز، وتبع إمامه في التعليل به حيث قال: إن عرفة لا تضيق عن حجيج الدنيا فطبقه مع كلام الإمام تجده واضحا.
وتوهم الرافعي أن المراد منه التفصيل بين أن يضيق فيمتنع، أو لا فيجوز، فأخرج (إذ) عن موضوعها وغفل عن أصل "الوسيط" وهو "النهاية".