للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن ما ذكراه في هذا الباب قد خالفاه في الوصية وسأوضحه إن شاء الله تعالى في موضعه، ثم إنه لا يستقيم من جهة القاعدة النحوية أيضًا لأن فقيها اسم فاعل من فقه بضم القاف إذا صار الفقه له سجية وأما المكسور فمعناه فهم، والمفتوح معناه أنه سبق غيره إلى الفهم على قاعدة المغالبة، وقياس اسم فاعلهما فاقة، كما تقرر في علم العربية، وأوضحته في كتاب "التمهيد".

واعلم أن الأصحاب ذكروا في الصوفي أنه المشتغل بالعبادة في أغلب أوقاته ولما نقل الرافعي ذلك نقل عن الغزالي أنه لا يدخل في الوقف إلا إذا كان في زيهم أو مساكنًا لهم وأقره هو والنووي عليه فينبغي أن يأتي مثله في الفقهاء والمتفقهة.

قوله: ولو وقف على المقبرة لتصرف الغلة إلى عمارة القبور قال في "التتمة": لا يجوز لأن الموتى صائرون إلى البلا فالعمارة لا تلائم حالهم. انتهى.

تابعه في "الروضة" على نقل ذلك عن المتولي وإقراره عليه، وليس الأمر على ما أطلقه المتولي من المنع، فقد جزم الرافعي في أول كتاب الوصية بجواز الوصية لعمارة قبور الأنبياء والعلماء والصالحين، وعلله بأن فيه إحياء للزيارة والتبرك بها فينبغي استثناء هذه الأمور هنا أيضًا، بل تعليل الجواز هناك بإحياء الزيارة يقتضي الجواز مطلقًا هنا أو هناك، لأن زيارة الكل مستحبة.

[نعم: ذكر القاضي أبو الطيب في كتاب الجنائز من "تعليقه": أنه لا يستحب] (١) زيارة القبر إلا إذا كان صاحبه تستحب زيارته في حال الحياة، وعلى هذا يستقيم التفصيل الذي ذكره الرافعي هناك.


(١) سقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>