تابعه في "الروضة" على إطلاق هذا الكلام، وفيه أمران:
أحدهما: أنه إذا ابتدأ بناء مسجد في موات ونوى به المسجد مثلا صار مسجدًا أو لم يحتج إلى صريح القول بأنه مسجد.
قال الماوردي: لأن الفعل مع النية يغنيان هنا عن القول، قال: ويزول ملكه عن الألة بعد استقرارها في مواضعها من البناء، وهي قبل الاستقرار باقية على ملكه إلا أن يصرح قولًا بأنها للمسجد فتخرج عن ملكه؛ هذا كلامه وقياس ذلك إجراؤه في غير المسجد أيضًا من المدارس والربط وغيرها، وكلام الرافعي في باب إحياء الموات في مسألة حفر البئر في الموات يدل عليه.
الأمر الثاني: أن الوقف يصح من الأخرس بالكتب مع النية وبالإشارة سواء كانت مفهمة أم لا.
نعم: لا يترتب عليه شيء في الظاهر إلا على تقدير الإفهام.
قوله: وقول "الوجيز": ما لم يقل جعلته مسجدًا، ظاهر في أنه إذا أتى بهذا اللفظ يصير مسجدًا، وإن لم يوجد شيء من ألفاظ الوقف التي سنذكرها، بل حكى الإمام أن الأصحاب ترددوا في استعمال لفظ "الوقف" في ما يضاهي التحرير كما إذا قال مالك البقعة: وقفتها على صلاة المصلين، وهو يريد جعلها مسجدًا.
وفي "التهذيب" و"التتمة": أن المكان لا يصير مسجدًا بقوله: جعلته مسجدًا، وبه أجاب الأستاذ أبو طاهر، وهذا ذهاب إلى أنه لابد من لفظ الوقف والأشبه أنه لا بأس باستعمال لفظ الوقف وأن قوله: جعلته مسجدًا، يقوم مقامه لإشعاره، بالمقصود واشتهاره فيه. انتهى ملخصًا.