على، ثم إن محمدًا المذكور خرج على الخليفة أبي جعفر المنصور العباسي فأرسل إليه جيشًا فانهزم أصحاب محمد وقتل هو في تلك الفتنة، فلما أحس محمد بالموت دفع ذا الفقار إلى رجل من التجار كان معه، وكان له عليه أربعمائة دينار، وقال له خذ هذا السيف فإنك لا تلقى أحدًا من آل أبي طالب إلا أخذه منك وأعطاك حقك فكان السيف عند ذلك الشخص إلى أن ولى جعفر بن سليمان بن على بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - اليمن والمدينة فوصل إليه الخبر فدعا الرجل فأخذ منه السيف وأعطاه أربعمائة دينار فلم يزل عنده إلى زمان المهدى بن المنصور فاتصل به خبره فأخذه فبقي في أيدى خلفاء بني العباس.
قال الأصمعي: رأيت الرشيد بطوس متقلدًا سيفًا، فقال: يا أصمعي ألا أريك ذا الفقار قلت: بلى جعلنى الله فداك، فقال: استل سيفي هذا فاستللته فرأيت فيه ثماني عشرة فقارة.
قوله: ومن خصائصه أنه لا يورث ماله، لكن هل هو باق على ملكه ينفق منه على أهله كما في حياته أو هو صدقة؟ فيه وجهان: صحح الإمام الأول، وقطع أبو العباس الروياني بالثاني لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة"(١)، ثم حكى أبو العباس المذكور وجهين في ما إذا قلنا: إنه صدقة، هل تكون وقفًا على ورثته؟ ووجهين إذا جعلناه وقفًا، هل هو الواقف بقوله في الحديث السابق:"ما تركناه فهو صدقة". انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن الصحيح أنه صدقة فقد قال في "الشرح الصغير": إنه المشهور، وقال في "الروضة" من "زياداته": الصواب الجزم بذلك،
(١) أخرجه مالك (١٨٠٢) والبخاري (٢٩٢٦) ومسلم (١٧٥٩) من حديث عائشة -رضي الله عنها-.