للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا القول الثاني وهو القول المذكور في آخر كلامه تفريعًا على قول فساد الصداق قد تبعه عليه أيضًا في "الروضة" وهو غلط عجيب وقع للغزالي في "الوسيط" و"الوجيز" فقلدهما الرافعي ذاهلًا عن ذلك لأن هذا القول هو قول الصحة بعينه والتفريع على الفساد، وقد ذكره الإمام على الصواب وكذلك الغزالي في "البسيط" عند تلخيصه لكلام إمامه، فإنه قال -أعني الغزالي- التفريع إن قضينا بصحة الصداق فالتوزيع على مهور أمثالهن، وإن فرعنا على فساد الصداق فالرجوع لكل واحدة إلى مهر مثلها وهذا ظاهر على القول بأن المهر يضمن قبل القبض يضمن ضمان العقود، وأما على القول بأنه يضمن ضمان اليد، فإنا نقدر الحر عبدًا، والخمر عصيرًا إذا جعلا صداقين ويرجع إلى قيمتهما، وهذا المجهول أى الذى في مسألتنا وهى جمع النسوة في المهر يمكن تقويمه بالتوزيع، وليس هذا المجهول لا يتوصل إلى تقويمه فعلى هذا القول أى ضمان اليد كان يتجه [القول] (١) بصحة الصداق، وتخصيص القولين بالقول الآخر وهو ضمان العقد، لكن قطع الأصحاب بطرد القولين مطلقًا، فليكن هذا إشكالًا لا تصحيحًا لضمان العقد، انتهى كلام "البسيط" وهو صحيح متجه، فإن الإشارة في قوله وهذا ظاهر على القول بأن المهر يضمن إلى آخره عائد إلى ما ذكره، وهو التفريع على القولين، فلما اختصره في "الوسيط" توهم أنه عائد إلى القول الثاني لكونه أقرب وصرح به غير ناظر إلى آخر كلامه وهو من قوله فعلى هذا القول إلى آخره ظانًا أنه زيادة -إيضاح- فوقع الخلل ثم ذكر مثله أيضًا في "الوجيز" فإنه قال: وإن قضينا بالفساد رجعت كل واحدة إلى مهر المثل: على قول، وإلى قيمة ما يقتضيه التوزيع على قول لأن هذا مجهول يمكن معرفته بخلاف ما لو أصدقها مجهولًا لا يمكن معرفته فإنه يتعين مهر المثل. هذا لفظ "الوجيز"، وعبارة "الوسيط" نحوه أيضًا فتبعه الرافعي حالة شرحه، ثم النووي عند اختصاره


(١) في جـ: القطع.

<<  <  ج: ص:  >  >>