فوقعا في غلط صريح، فلله الحمد والمنة على الإلهام لها والوقوف على أسبابها.
قوله: فإذا أذن لعبده في أن ينكح امرأة ويجعل نفسه صداقًا لا يصح الصداق لأنه لو صح لملكت زوجها وينفسخ النكاح ويرتفع الصداق ولا يصح النكاح أيضًا لأنه اقترن به ما يضاده فكان كشرط الطلاق، ثم قال: ومن الأئمة من قال على سبيل الاحتمال يجوز أن يقال يصح النكاح ويفسد الصداق. انتهى كلامه.
وهذا الاحتمال الذى نقله عن بعض الأئمة ذكره الإمام والغزالي قالا: ولكن لا صائر إليه من الأصحاب، وهذا الاحتمال قد جزم به صاحب "الشامل" ذكره في آخر باب الشغار، وقد نبه في "الروضة" على ذلك، ونقله أيضًا صاحب "التتمة" عن بعض أصحابنا العراقيين.
قوله: فلو قبل لابنه نكاح امرأة وأصدقها أمة لم يصح النكاح لأن ما يجعله صداقًا يدخل في ملك الابن أولًا ثم ينتقل إلى المرأة، ولو دخلت في ملكه عتقت عليه وامتنع انتقالها إلى المرأة صداقًا فيصح النكاح ويفسد الصداق، وإذا فسد الصداق جاء الخلاف في أن الواجب مهر المثل أو قيمتها، هذا ما ذكروه في هذه الصورة، لكن ذكرنا خلافًا في ما إذا أصدق الأب عن الصغير من مال نفسه ثم بلغ الابن وطلق قبل الدخول أن نصف المهر يرجع إلى الابن أو الأب؟ فمن قال يرجع إلى الأب فقد تنازع في قولنا لا يدخل الصداق في ملكها حتى يدخل في ملك الابن. انتهى.
وما ادعاه من أن المنقول للأصحاب هو البطلان، وأنه قد ينازع فيه منازع مستندًا إلى الأصل الذي ذكره، تابعه عليه وليس كما قالاه فقد صرح القاضي الحسين في "فتاويه" بأن في صحة الصداق والحالة هذه وجهين، وبناهما على المسألة التي حاول الرافعي البناء عليها، وذلك في الحقيقة دال على علو قدره -رحمه الله-.