للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله في المسألة: ويوافق هذا البناء ما ذكره في "التهذيب" أنه لو قال: حفصة وعمرة طالقان إن شاء الله فيرجع الاستثناء إلى عمرة وحدها أو إليهما جميعًا؟ وجهان والأصح الأول. انتهى كلامه.

وهذا الذي نقله عن "التهذيب" غلط تبعه عليه في "الروضة" سببه انتقال نظره أو نظر الكاتب للنسخة التي وقف عليها، فإن البغوي قد قال ما نصه: ولو قال: حفصة وعمرة طالقان إن شاء الله، لا تطلق واحدة منهما، ولو قال: حفصة طالق وعمرة طالق إن شاء الله، تطلق حفصة ولا تطلق عمرة، لأن الاستثناء يرجع إلى ما يليه، وقيل: يرجع إليهما والأول أصح. هذا لفظه في "التهذيب"، فسقط المتوسط كله كما قلنا وقد سلم ابن الرفعة من هذا الغلط من وجه دون وجه.

قوله: ولو قال: أنت طالق إلا أن يشاء الله فعن القفال أنه حكى عن النصر أنه لا يقع واختاره؛ لأن هذه الصيغة أيضًا تعليق بعدم المشيئة؛ لأنها توجب حصر الوقوع في حال عدم المشيئة، وعن ابن سريج أنه يقع الطلاق لأنه أوقعه وجعل الخلاص والمخرج عنه المشيئة وأنها غير معلومة فلا يحصل الخلاف وصار كما لو قال: أنت طالق إلا أن يشاء زيد ولم يعلم مشيئته فإنه يقع الطلاق، والأقوى الأول. انتهى كلامه.

وفيه إشكال يظهر بذكر شيء استدركه الرافعي في آخر المسألة فقال: ولتعلم أن قول القائل: أنت طالق إلا أن يشاء الله معناه إلا أن يشاء وقوع الطلاق، [وحينئذ فالطلاق معلق بعدم مشيئة الطلاق] (١) لا بمشيئة عدم الطلاق، وعدم مشيئة الطلاق تحصل بأن يشاء عدم الطلاق وبأن لا يشاء شيئًا أصلًا، وإنما لا يقع إذا شاء زيد أن يقع، وذكر بعضهم أن معناه أنت طالق إلا أن يشاء زيد أن لا تطلقي، والصحيح الأول. انتهى كلامه.

وإذا علمت ذلك علمت أن اختلافهم في الحكم نشأ من اختلافهم في


(١) سقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>