تنزيل التعليق على أي شيء، وإذا كان كذلك فكيف يستقيم كما قاله الرافعي من جعل واحد من المعنيين دليلًا لقائله على القائل الآخر؟ وكان ينبغي أن يقدم ما أخره ويستدل على ما ذكره كل منهم من الخلاف المتأخر ثم يبني عليه الخلاف في الوقوع وعدمه.
قوله: ولو قال: أنت طالق إن لم يشأ زيد، أو إن لم يدخل الدار، أو إن لم يفعل كذا، فإن وجدت المشيئة أو غيرها مما علق عليه لم يقع الطلاق، وإن لم توجد وقع، وإن شككنا فوجهان سواء عبر بقوله إن لم يدخل كما ذكرناه أو بقوله إلا أن يدخل، أجاب الأكثرون بالوقوع حيث شككنا في الفعل المعلق عليه، واختار الإمام عدم الوقوع في الصورتين وهو أوجه وأقوى , انتهى.
وهذه المسألة -أعني مسألة الشك- قد اختلف فيها تصحيح النووي في "الروضة" فصحح هنا من زياداته عدم الوقوع وذكر مثله في آخر تعليق الطلاق، وصحح في أوائل كتاب الأيمان وفي أواخره عكسه وسوف أذكر لفظه هناك إن شاء الله تعالى، والفتوى في ذلك على الوقوع فقد نص عليه الشافعي في "الأم" في السدس الأخير منها في باب الاستثناء في اليمين إلا أنه خص ذلك باليمين على الإثبات وأجاب في النافية بالعكس فقال ما نصه: قال الشافعي كذا وكذا إلا أن يشاء فلان لم يحنث إن شاء فلان، فإن مات فلان أو خرس أو غاب عنا معنى فلان حتي يمضي وقت يمينه حنث؛ لأنه إنما يخرجه من الحنث مشيئة فلان، ولو كانت المسألة بحالها وقال: والله لا أفعل كذا وكذا إلا أن يشاء فلان لم يفعل حتى يشاء فلان، وإن غاب عنا معنى فلان فلم يعرف شيئًا أو لم يشأ لم يفعل حتي يشاء فلان، وإن غاب فإن فعله لم أحنثه من قبل أن يمكن أن يكون قد شاء، هذا لفظه بحروفه ومن "الأم" نقلته وفي الفرق بين المسألتين نظر.