المقذوف، فأراد أن يحلفه على أنه لم يزن ففي تمكينه منه قولان، ويقال وجهان:
أحدهما: لا يحلف، لأن شريك بن السحماء الذي رميت به الملاعنة على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سئل فأنكر فلم يحلفه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
والثاني: نعم، وهو الموافق لجواب الأكثرين، قالوا: ولا تسمع الدعوى بالزنا والتحليف على نفيه إلا في هذه المسألة. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أنه قد جزم في موضعين من كتاب الدعاوى بأن الخلاف وجهان على خلاف ما رجحه هاهنا.
أحدهما: في أوائل الباب.
والثاني: بعده في الكلام على الحالف، وتبعه في "الروضة" على هذا الاختلاف.
الأمر الثاني: وقد نبه عليه في "الروضة" أن العجز عن البينة ليس بشرط بل متى طلب يمينه جاء الخلاف، وشريك بفتح الشين المعجمة، والسحماء بسين مفتوحة ثم حاء ساكنة مهملتين والألف الممدودة مأخوذة من السحمة بضم السين وهو السواد، والمذكر أسحم، والمؤنثة سحماء، وسحماء، أم شريك المذكور، ويقال: هذا اللفظ، وما يصرف منه للسواد أيضًا ولكن بالخاء المعجمة، والسحام سواد القدر خاصة.
قوله في "الروضة": حد القذف وتعزيره حق آدمي يورث عنه ويسقط بعفوه. انتهى.
وما ذكره في التعزير من سقوطه بالعفو لم يتعرض له الرافعي هاهنا، وهو مخالف لما ذكره في باب التعزير، فإنه صحيح هناك جواز إستيفاء السلطان له مع العفو.