لذلك مع اختلاف التصوير المناسب للتفرقة وكيف يقال بأن إلقاء ما ليس نشؤه منه لا يضر، وقد فرقوا في أوراق الأشجار وغيرها بين أن تلقي قصدًا أم لا، مع أنها طاهرة، فالنجس أولى لغلظ حكمه وقد اختصره في "الروضة" بلفظ أوضح من لفظ الرافعي فقال: فلو أخرج منه وطرح في غيره أو رد إليه عاد القولان انتهى.
والقسمان اللذان شرح بهما كلام الرافعي قد صرح بهما كذلك جماعة منهم القاضي حسين في "التعليق" والجرجاني في "التحرير".
واعلم أن النووي في شرح "الوسيط" المسمي بـ "التنقيح" لما ذكر القولين في أصل المسألة وصحح أنه لا ينجس، قال: وسواء في جريان القول ما مات فيه أو في غيره ثم نقل إليه، وهذا يقتضي أن الأجنبي إذا ألقي فيه بعد موته لا يضر على الصحيح وهو غلط سببه عدم تأمل الفرق السابق، والصواب أيضًا في الناشيء في الماء إذا ألقي في غيره أنه يضر جزمًا لا يتجه غير ذلك ويظهر ترجيح ذلك أيضًا فيما إذا أعيد إليه، وإن كان ما قالوه فيه محتملًا فاعتمد ما ذكرته.
قوله: في أصل "الروضة" فإن قلنا: إن هذه الميتة لا تنجس المائع فهي نجاسة في نفسها خلافًا للقفال، وفي جواز أكلها إذا كانت متولدة من الطعام كدود الخل والتفاح أوجه.
الأصح: يحل أكله مع ما تولد منه ولا يحل منفردًا.
والثاني: يحل مطلقًا.
والثالث: يحرم مطلقًا، والأوجه جارية سواء قلنا بطهارة هذا الحيوان أو بنجاسته. انتهى كلامه.
وقد اشتمل على حكاية وحيه أنه يجوز أكله منفردًا على القول بنجاسته وهو غلط لم يذكره الرافعي ولا غيره وإنما أغلطه سوء فهم منه لكلام