واعلم أن ابن الرفعة قد اعترض هنا على الأصحاب فقال: وعلى من صحح العفو عن أرش الأصبع دون القدر الزائد عليه من الدية لكونه إبراء سؤال لا يكاد يندفع ويحتاج في تقريره إلى تجديد العهد بأصلين: أحدهما: أن الإبراء عن المجهول غير صحيح على المذهب.
والثاني: أن الجراحات إذا سرت إلى النفس فأفضى الأمر إلى الدية لا نظر إلى أروشها سواء كانت مقدرة أو غير مقدرة بل الواجب كما قال الإمام دية واحدة عن النفس لا عن الأطراف لا يختلف مذهبنا في ذلك، وإذا كان كذلك فالإبراء حصل عما قابل الأصبع من الدية وقد بينا بآخر الأمر أن لا مقابل لها، ولو قيل بأن لها مقابلا فليس هو عشرًا من الإبل بل جزءًا من الدية وهو مجهول، وقضية ذلك أن لا تصح فيما ادعوه.
فإن قلت: إنما صح عن أرش الأصبع لأني أنزل الإبراء منزلة الاقتصاص وهو لو اقتص في الأصبع لسقط من الدية العشر فكذلك إذا عفى على أرشه.
قلت: إنما سقط العشر عند القصاص قيمة لأنه استوفى ما قيمته العشر مع أنه لا يمكن رده فصار كما لو تسلم عشرًا بخلاف الإبراء فإنه يقبل الرد.
فإن قلت: قد أشار ابن الصباغ في آخر باب القصاص بالسيف إلى شيء يمكن أخذ.
الجواب: منه وهو أنا عند السراية في مثل هذه الحالة لا نسقط أرش الجناية السابقة بالسراية بل نوجب بالسراية تمام الدية.
قلت: قد تقدم لنا خلاف فيما إذا قطع يده ثم ارتد ومات في الردة أن القصاص في اليد هل يجب أم لا؟ بناء على خلاف حكاه الأصحاب فيما إذا قطع يده فمات أنه يجوز لولى المقتول عندنا قطع يده فإن مات وإلا جز