وهل يكون قطع اليد مقصودًا في الاستيفاء أم يكون القطع طريقًا في الاستيفاء؟ والثاني هو الذى فرع عليه الأصحاب؛ فينبغي أن تنبني هذه المسألة على هذا الخلاف.
فإن قلنا: إن قطع اليد إنما وجب طريقًا في الاستيفاء، فالمقصود النفس فيكون الواجب ديتها فلا ينظر إلى أرش الطرف.
وإن قلنا: وجب مقصودًا، فحينئذ يتجه الجواب.
ولك أن تجيب عن هذا بأن محل التردد إذا لم يتعلق بأرش اليد حق لغير مستحق النفس، أما إذا تعلق فذلك الحق لا يسقط عند السراية إلى النفس ولا شيء منه ما أمكن استيفاؤه اتفاقًا وإن وجبت دية النفس.
دليله ما لو قطع يد عبد ثم أعتق ثم مات فإن حق السيد لا يسقط. وإن كان كذلك فالجاني هنا قد تعلق له حق بأرش الأصبع وهو براءته منه، فإذا صار القطع قتلًا ووجبت دية النفس وجب ألا يسقط الحق السابق كما في حق السيد.
انتهى كلام ابن الرفعة -رحمه الله-.
قوله: إحداها: إذا جنى عبد على حر جناية توجب المال وعفى المجنى عليه عن أرش الجناية ثم مات بالسراية أو اندمل الجرح ثم عفا في مرض الموت فإن أطلق العفو ولم يضفه إلى السيد ولا إلى العبد أثبتت صحته على أن أرش جناية العبد يتعلق برقبته فحسب أو بها وبذمته؟ وفيه قولان:
فإن قلنا: يتعلق بالرقبة فحسب، فيصح العفو.
وإن قلنا: يتعلق بالذمة أيضًا، ففائدة العفو ترجع إلى العبد؛ فينبني على الوصية للقاتل. انتهى.