للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ظهر لك من كلامه -أي: كلام الرافعي- أنه لا فرق بين الوصية وبين أن يقول جعلته خليفة أو إمامًا بعد موتي، وقد اختصره في "الروضة" على غير وجهه، فإن مقالة البغوي المذكورة أولا لم يحكها بالكلية بل حكي شيئًا آخر، وذكر أيضًا ما يقتضي أن الرافعي يغاير بين الوصية بها وبين العقد بها له بعد موته فقال: والاستخلاف أن يعقد له في حياته الخلافة بعده، فإن أوصي له بالإمامة فوجهان حكاهما البغوي.

هذا لفظه من غير زيادة عليه. واعلم أن ما ذكره البغوي قد أخذه من "تعليقه" شيخه القاضي الحسين؛ فإنه قال: وإذا استخلف الإمام واحدًا في مرضه خلفه بعد وفاته فيما كان يتولاه؛ لأنه لما خلفه في العجز الأوهى فلأن يخلفه في حال العجز الأقوي أولي.

وإذا أوصي إلى واحد بالإمامة بعده فوجهان: أحدهما: يجوز كما إذا استخلف في حياته. والثاني: لا لأنه بالموت خرج عن أن يكون صالحًا للإمامة، ولم ينعقد الاستخلاف قبله. هذا كلامه.

وقد علمنا به مراد البغوي وإن كان كلام "الروضة" غير مطابق له بالكلية؛ فتفطن لذلك كله.

وليس فيه ما يدل على أن الخليفة ينوب عن المستخلف في حال الحياة حتى يخرج ثبوت ولايته بعد الموت على انعزال ثواب الإمام بموته، بل معناه أنه صار في حياته خليفة بعد موته، والمحذور من اجتماع خليفتين ما يترتب على ذلك من اختلاف الكلمة، وليس ذلك في مسألتنا لأن أحدهما فرع عن الآخر وتصرفه موقوف على موته، وإنما جوزنا ذلك لاتفاق الصحابة عليه ومسيس الحاجة إليه جمعًا للكلمة ومنعًا للطالبين.

قوله: نقلًا عن الماوردي من غير اعتراض عليه: وإنه إذا خلع الخليفة نفسه كان كما لو مات فتنتقل الخلافة إلى ولي العهد، ويجوز أن

<<  <  ج: ص:  >  >>