يفرق بين أن يقول: الخلافة بعد موتي لفلان أو بعد خلافتي. انتهى كلامه.
زاد النووي فقال: قلت: توقف إمام الحرمين في كتابه "الإرشاد" في انعزال الإمام بعزل نفسه، والله أعلم.
والذي ذكره النووي أصلًا وزيادة يقتضي أن ما ذكره الماوردي هو المعروف وأنه لم يظفر بما يخالفه إلا هذا التوقف المذكور عن الإمام، وهو غريب؛ فقد ذكر المسألة بعد هذا بنحو ورقة من "الروضة" فقال: ولو خلع الإمام نفسه نظر إن خلع لعجزه عن القيام بأمور المسلمين لهرم أو مرض أو نحوهما انعزل، ثم إن ولي غيره قبل عزل نفسه انعقدت ولايته وإالا فيبايع الناس غيره.
وإن عزل نفسه بلا عذر ففيه أوجه: أصحها: لا ينعزل، وبه قطع صاحب "البيان" وغيره.
والثاني: ينعزل لأن إلزامه الاستمرار قد يضره في آخرته ودنياه.
والثالث: وبه قطع البغوي-: إن لم يظهر عذرًا بعزل نفسه ولم يول غيره أو ولي من هو دونه لم ينعزل، وإن ولي مثله أو أفضل ففي الانعزال وجهان.
هذا لفظ "الروضة". ولم يطلق الرافعي التصحيح وإنما حكى ما صححه النووي عن صاحب "البيان" وغيره.
قوله أيضًا نقلًا عنه: وإنه إذا عهد إلى اثنين أو أكثر على الترتيب فقال الخليفة بعد موتي فلان وبعد موته فلان جاز وانتقلت الولاية إليهم على ما رتب كما رتب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمراء جيش مؤتة. انتهى.
وترتيب الأمراء المذكورين اختلف فيه كلام الرافعي فذكر في الباب الرابع من أبواب الوصية خلاف ما ذكره في الباب الأول من أبواب الوكالة، وقد سبق ذكر لفظ البابين في موضعهما وبينا وجه الصواب فيه.