إذا علمت ذلك فقد صرح الغزالي عقب هذا بأن القليل المار على النجاسة نجس، وألحق أيضًا الجارية بالجامدة وسأذكر لفظه عقب هذا، وحينئذ فيبطل قول الرافعي: إنهم وجهوه بأن الجاري وارد على النجاسة إلى آخره، فإن هذا تعليل ممن صور القديم بالماء المار عليها، وأخذ الرافعي حكمًا من قائل وتعليلًا من آخر، فلزم الجمع بين متنافيين، وهذا كله نشأ من تنزيل الرافعي كلام "الوجيز" على اختيار القديم.
قوله: في المائعة أيضًا وهذا إذا لم تغير الماء حسًا أو تقديرًا فإن غيرته فالقدر المتغير نجس وحكم غيره معه كحكمه مع النجاسة الجامدة. انتهى كلامه.
وقد سبق في الماء الراكد أنه إذا تغير بعضه تنجس جميعه على ظاهر المذهب وحكى وجهًا موافقًا لما جزم به هاهنا.
وقد ذكر هو وغيره أن كل جرية من الماء الجاري لها حكم ماء مستقل فلزم حينئذ أن تكون المسألتان على حد سواء، وقد صرح هو به بعد هذا في آخر الفصل فقال: الثالث قضية كلام الأكثرين تلويحًا وتصريحًا أنه لا فرق بين الحريم وغيره لا في الماء الراكد ولا في الجاري؛ لأنه إن كان طاهرًا فلا معنى لوجوب الاجتناب، وإن كان نجسًا فليزمه نجاسة ما يجاوره بملاقاته حتى يتعدى إلى جميع الراكد وإلى جميع الجاري مما في عرض النهر هذه عبارته.
قوله: قال الغزالي: وإن كانت جامدة فإن كانت تجري بجريان الماء فما فوق النجاسة وهو الماء الذي لم يصل إلى النجاسة وما تحتها وهو الذي لم تصل النجاسة إليه طاهر، وما على يمينها وشمالها فيه طريقان: قيل: بطهارته، وقيل: بتخريجه على قولي التباعد.